( فصل : ثم في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالسنة تفسر القرآن ، وتبينه ، وتدل عليه ، وتعبر عنه ، وما وصف الرسول به ربه عز وجل من الأحاديث الصحاح التي تلقاها أهل المعرفة بالقبول ؛ وجب الإيمان بها كذلك ) .
ش قوله : ( ثم في سنة رسول الله ) عطف على قوله فيما تقدم : ( وقد دخل في هذه الجملة ما وصف الله به نفسه في سورة الإخلاص . . إلخ ) ؛ يعنى : ودخل فيها ما وصف به الرسول صلى الله عليه وسلم ربه فيما وردت به السنة الصحيحة .
والسنة هي الأصل الثاني الذي يجب الرجوع إليه ، والتعويل عليه بعد كتاب الله عز وجل ؛ قال تعالى : وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة .
وحكم السنة حكم القرآن في ثبوت العلم واليقين والاعتقاد والعمل ؛ فإن السنة توضيح للقرآن ، وبيان للمراد منه : تفصل مجمله ، وتقيد مطلقه ، وتخصص عمومه ؛ كما قال تعالى : وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم .
وأهل البدع والأهواء بإزاء السنة الصحيحة فريقان :
1 - فريق لا يتورع عن ردها وإنكارها إذا وردت بما يخالف مذهبه ؛ بدعوى أنها أحاديث آحاد لا تفيد إلا الظن ، والواجب في باب الاعتقاد اليقين ، وهؤلاء هم المعتزلة والفلاسفة .
2 - وفريق يثبتها ويعتقد بصحة النقل ، ولكنه يشتغل بتأويلها ؛ كما يشتغل بتأويل آيات الكتاب ، حتى يخرجها عن معانيها الظاهرة إلى ما [ ص: 197 ] يريده من معان بالإلحاد والتحريف ، وهؤلاء هم متأخروا الأشعرية ، وأكثرهم توسعا في هذا الباب nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي ، والرازي .
قوله : ( وما وصف الرسول به . . ) إلخ ؛ يعني : أنه كما وجب الإيمان بكل ما وصف الله به نفسه في كتابه من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ؛ كذلك يجب الإيمان بكل ما وصفه به أعلم الخلق بربه وبما يجب له ، وهو رسوله الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه وآله .
قوله : ( كذلك ) ؛ أي : إيمانا مثل ذلك الإيمان ، خاليا من التحريف والتعطيل ، ومن التكييف والتمثيل بل إثبات لها على الوجه اللائق بعظمة الرب جل شأنه .