يقول شيخ الإسلام رحمه الله في تفسيره سورة الإخلاص : ( فالرب سبحانه إذا وصفه رسوله بأنه ينزل إلى سماء الدنيا كل ليلة ، وأنه يدنو عشية عرفة إلى الحجاج ، وأنه كلم موسى بالوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة ، وأنه استوى إلى السماء وهي دخان ، فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها ؛ لم يلزم من ذلك أن تكون هذه الأفعال [ ص: 199 ] من جنس ما نشاهده من نزول هذه الأعيان المشهودة حتى يقال : ذلك يستلزم تفريغ مكان وشغل آخر ) .
فأهل السنة والجماعة يؤمنون بالنزول صفة حقيقية لله عز وجل ، على الكيفية التي يشاء ، فيثبتون النزول كما يثبتون جميع الصفات التي ثبتت في الكتاب والسنة ، ويقفون عند ذلك ، فلا يكيفون ولا يمثلون ولا ينفون ولا يعطلون ، ويقولون : إن الرسول أخبرنا أنه ينزل ، ولكنه لم يخبرنا كيف ينزل ، وقد علمنا أنه فعال لما يريد ، وأنه على كل شيء قدير .
ولهذا ترى خواص المؤمنين يتعرضون في هذا الوقت الجليل لألطاف ربهم ومواهبه ، فيقومون لعبوديته ؛ خاضعين خاشعين ، داعين متضرعين ، يرجون منه حصول مطالبهم التي وعدهم بها على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم .