ولا شك أن هذه المعية إذا استحضرها العبد في كل أحواله ؛ فإنه يستحيي من الله عز وجل أن يراه حيث نهاه ، أو أن يفتقده حيث أمره ، فتكون عونا له على اجتناب ما حرم الله ، والمسارعة إلى فعل ما أمر به من الطاعات على وجه الكمال ظاهرا وباطنا ، ولا سيما إذا دخل في الصلاة التي هي أعظم صلة ومناجاة بين العبد وربه ، فيخشع قلبه ، ويستحضر عظمة الله وجلاله ، فتقل حركاته ، ولا يسيء الأدب مع ربه بالبصق أمامه أو عن يمينه .
قال شيخ الإسلام في ( العقيدة الحموية ) ، ( إن الحديث حق على ظاهره ، وهو سبحانه فوق العرش ، وهو قبل وجه المصلي ، بل هذا الوصف يثبت للمخلوقات ؛ فإن الإنسان لو أنه يناجي السماء أو يناجي الشمس والقمر ؛ لكانت السماء والشمس والقمر فوقه ، وكانت أيضا قبل وجهه ) . اهـ
وفي الحديث أيضا يعلمنا نبينا صلوات الله وسلامه عليه وآله كيف نثني على ربنا عز وجل قبل السؤال ، فهو يثني عليه بربوبيته العامة التي انتظمت كل شيء ، ثم بربوبيته الخاصة الممثلة في إنزاله هذه الكتب الثلاثة تحمل الهدى والنور إلى عباده ، ثم يعوذ ويعتصم به سبحانه من شر نفسه ومن شر كل ذي شر من خلقه ، ثم يسأله في آخر الحديث أن يقضي عنه دينه ، وأن يغنيه من فقر .