( ومن أصول أهل السنة : التصديق بكرامات الأولياء وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات في أنواع العلوم والمكاشفات وأنواع القدرة والتأثيرات ، كالمأثور عن سالف الأمم في سورة الكهف وغيرها ، وعن صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين وسائر قرون الأمة ، وهي موجودة فيها [ ص: 287 ] إلى يوم القيامة ) .
والكرامة أمر خارق للعادة ، يجريه الله على يد ولي من أوليائه ؛ معونة له على أمر ديني أو دنيوي .
ويفرق بينها وبين المعجزة بأن المعجزة تكون مقرونة بدعوى الرسالة ، بخلاف الكرامة .
ويتضمن وقوع هذه الكرامات حكما ومصالح كثيرة ؛ أهمها :
أولا : أنها كالمعجزة ، تدل أعظم دلالة على كمال قدرة الله ، ونفوذ مشيئته ، وأنه فعال لما يريد ، وأن له فوق هذه السنن والأسباب المعتادة سننا أخرى لا يقع عليها علم البشر ، ولا تدركها أعمالهم .
فمن ذلك قصة أصحاب الكهف ، والنوم الذي أوقعه الله بهم في تلك المدة الطويلة ، مع حفظه تعالى لأبدانهم من التحلل والفناء .
ومنها ما أكرم الله به مريم بنت عمران من إيصال الرزق إليها وهي في المحراب ؛ حتى عجب من ذلك زكريا عليه السلام ، وسألها : أنى لك هذا .
وكذلك حملها بعيسى بلا أب ، وولادتها إياه ، وكلامه في المهد ، وغير ذلك .
وأنكرت الفلاسفة كرامات الأولياء كما أنكروا معجزات الأنبياء ، وأنكرت الكرامات أيضا المعتزلة ، وبعض الأشاعرة ؛ بدعوى التباسها بالمعجزة ، وهي دعوى باطلة ؛ لأن الكرامة كما قلنا لا تقترن بدعوى الرسالة .
لكن يجب التنبه إلى أن ما يقوم به الدجاجلة والمشعوذون من أصحاب الطرق المبتدعة الذين يسمون أنفسهم بالمتصوفة من أعمال ومخاريق شيطانية ؛ كدخول النار ، وضرب أنفسهم بالسلاح ، والإمساك بالثعابين ، والإخبار بالغيب . . إلى غير ذلك ؛ ليس من الكرامات في [ ص: 289 ] شيء ؛ فإن الكرامة إنما تكون لأولياء الله بحق ، وهؤلاء أولياء الشيطان .