فصل : ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما وصفهم الله به في قوله تعالى :
والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم ، وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=891519لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ، ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم ومراتبهم .
ويفضلون من أنفق من قبل الفتح وهو صلح
الحديبية وقاتل على من أنفق من بعد وقاتل .
ويقدمون
المهاجرين على
الأنصار .
ويؤمنون بأن
الله قال لأهل بدر وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر : nindex.php?page=hadith&LINKID=891520اعملوا ما شئتم ، فقد غفرت لكم ، وبأنه
لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، بل لقد رضي الله عنهم ورضوا عنه ، وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة ، ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كالعشرة ،
nindex.php?page=showalam&ids=215وثابت بن قيس بن شماس ، وغيرهم من الصحابة .
ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره من أن
خير هذه الأمة بعد نبيها : أبو بكر ، ثم [ ص: 68 ] عمر .
ويثلثون
بعثمان ، ويربعون
بعلي رضي الله عنهم ، كما دلت عليه الآثار ، وكما أجمع الصحابة على تقديم
عثمان في البيعة .
مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في
عثمان وعلي رضي الله عنهما بعد اتفاقهم على تقديم
أبي بكر وعمر أيهما أفضل ؟ فقدم قوم
عثمان وسكتوا ، أو ربعوا
بعلي ، وقدم قوم
عليا ، وقوم توقفوا ، لكن استقر أمر أهل السنة على تقديم
عثمان ، ثم
علي ، وإن كانت هذه المسألة مسألة
عثمان وعلي ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة ، لكن التي يضلل فيها : مسألة الخلافة ، وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أبو بكر ،
وعمر ، ثم
عثمان ، ثم
علي ، ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله .
ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويتولونهم ، ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال يوم غدير خم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=891521أذكركم الله في أهل بيتي ، وقال أيضا
للعباس عمه وقد اشتكى إليه أن بعض
قريش يجفو
بني هاشم فقال :
والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي ، وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=891523إن الله اصطفى بني إسماعيل ، واصطفى من بني إسماعيل كنانة ، واصطفى من كنانة قريشا ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم .
ويتولون أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ، ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة : خصوصا
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة رضي الله عنها أم أكثر أولاده ، وأول من آمن به وعاضده على أمره ، وكان لها منه المنزلة العالية .
والصديقة
[ ص: 69 ] بنت الصديق رضي الله عنها ، التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=891524فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام .
ويتبرءون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم ، وطريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل ، ويمسكون عما شجر بين الصحابة ، ويقولون : إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب ، ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه ، والصحيح منه هم فيه معذورون : إما مجتهدون مصيبون ، وإما مجتهدون مخطئون ، وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره ؛ بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة ، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر ، حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم ؛ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم ، وقد ثبت بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون ، وأن المد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبا ممن بعدهم ، ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب فيكون قد تاب منه ، أو أتى بحسنات تمحوه ، أو غفر له بفضل سابقته ، أو بشفاعة
محمد صلى الله عليه وسلم الذي هم أحق الناس بشفاعته ، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه ، فإذا كان هذا في الذنوب المحققة فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين : إن أصابوا فلهم أجران ، وإن أخطئوا ؛ فلهم أجر واحد ، والخطأ مغفور ، ثم إن القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر مغفور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم ؛ من الإيمان بالله ، ورسوله ، والجهاد
[ ص: 70 ] في سبيله ، والهجرة ، والنصرة ، والعلم النافع ، والعمل الصالح .
ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة ، وما من الله عليهم به من الفضائل علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء ، لا كان ولا يكون مثلهم ، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله .
ومن أصول أهل السنة :
التصديق بكرامات الأولياء وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات في أنواع العلوم والمكاشفات وأنواع القدرة والتأثيرات ، كالمأثور عن سالف الأمم في سورة الكهف وغيرها ، وعن صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين وسائر قرون الأمة ، وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة .