والأشاعرة يثبتون إرادة واحدة قديمة تعلقت في الأزل بكل المرادات ، فيلزمهم تخلف المراد عن الإرادة .
وأما المعتزلة ؛ فعلى مذهبهم في نفي الصفات لا يثبتون صفة الإرادة ، ويقولون : إنه يريد بإرادة حادثة لا في محل ، فيلزمهم قيام الصفة بنفسها ، وهو من أبطل الباطل .
1 - إرادة كونية ترادفها المشيئة ، وهما تتعلقان بكل ما يشاء الله فعله وإحداثه ، فهو سبحانه إذا أراد شيئا وشاءه كان عقب إرادته له ؛ [ ص: 132 ] كما قال تعالى : إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون .
والحاصل أن الإرادتين قد تجتمعان معا في مثل إيمان المؤمن ، وطاعة المطيع .
وتنفرد الكونية في مثل كفر الكافر ، ومعصية العاصي .
وتنفرد الشرعية في مثل إيمان الكافر ، وطاعة العاصي .
وقوله تعالى : ولولا إذ دخلت جنتك . . الآية ؛ هذا من قول الله حكاية عن الرجل المؤمن لزميله الكافر صاحب الجنتين ؛ يعظه به أن يشكر نعمة الله عليه ، ويردها إلى مشيئة الله ، ويبرأ من حوله وقوته ؛ فإنه لا قوة إلا بالله .
وقوله : ولو شاء الله ما اقتتلوا . . الآية ؛ إخبار عما وقع بين أتباع الرسل من بعدهم ، من التنازع ، والتعادي بغيا بينهم وحسدا ، وأن ذلك إنما كان بمشيئة الله عز وجل ، ولو شاء عدم حصوله ما حصل ، ولكنه شاءه فوقع .
وقوله : فمن يرد الله أن يهديه . . إلخ ؛ الآية تدل على أن كلا من الهداية والضلال بخلق الله عز وجل ، فمن يرد هدايته - أي : إلهامه وتوفيقه - يشرح صدره للإسلام ، بأن يقذف في قلبه نورا ، فيتسع له ، وينبسط ؛ كما ورد في الحديث ، ومن يرد إضلاله وخذلانه يجعل صدره [ ص: 134 ] في غاية الضيق والحرج ، فلا ينفذ إليه نور الإيمان ، وشبه ذلك بمن يصعد في السماء .