ولعل من المناسب أن ننقل إلى القارئ هنا ما كتبه حامل لواء التجهم والتعطيل في هذا العصر ، وهو المدعو بزاهد الكوثري ؛ قال في حاشيته على كتاب ( الأسماء والصفات ) للبيهقي ما نصه : ( قال nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ما معناه : إن الله يأتي بعذاب في الغمام الذي ينتظر منه الرحمة ، فيكون مجيء العذاب من حيث تنتظر الرحمة أفظع وأهول ، وقال إمام الحرمين في معنى الباء كما سبق ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16785الفخر الرازي : أن يأتيهم أمر الله ) . اهـ
[ ص: 146 ] فأنت ترى من نقل هذا الرجل عن أسلافه في التعطيل مدى اضطرابهم في التخريج والتأويل .
على أن الآيات صريحة في بابها ، لا تقبل شيئا من تلك التأويلات .
فالآية الأولى تتوعد هؤلاء المصرين على كفرهم وعنادهم واتباعهم للشيطان بأنهم ما ينتظرون إلا أن يأتيهم الله عز وجل في ظلل من الغمام لفصل القضاء بينهم ، وذلك يوم القيامة ، ولهذا قال بعد ذلك : وقضي الأمر والآية الثانية أشد صراحة ؛ إذ لا يمكن تأويل الإتيان فيها بأنه إتيان الأمر أو العذاب ؛ لأنه ردد فيها بين إتيان الملائكة وإتيان الرب ، وإتيان بعض آيات الرب سبحانه .
وقوله في الآية التي بعدها : وجاء ربك والملك صفا صفا لا يمكن حملها على مجيء العذاب ؛ لأن المراد مجيئه سبحانه يوم القيامة لفصل القضاء ، والملائكة صفوف ؛ إجلالا وتعظيما له ، وعند مجيئه تنشق السماء بالغمام ؛ كما أفادته الآية الأخيرة .
فهذه كلها أفعال له سبحانه على الحقيقة ، ودعوى المجاز تعطيل له عن فعله ، واعتقاد أن ذلك المجيء والإتيان من جنس مجيء المخلوقين وإتيانهم نزوع إلى التشبيه يفضي إلى الإنكار والتعطيل .