1 - معية عامة : شاملة لجميع المخلوقات ، فهو سبحانه مع كل شيء بعلمه وقدرته وقهره وإحاطته ، لا يغيب عنه شيء ، ولا يعجزه ، وهذه المعية المذكورة في الآية .
ففي هذه الآية يخبر عن نفسه سبحانه بأنه هو وحده الذي خلق السماوات والأرض يعني : أوجدهما على تقدير وترتيب سابق في مدة ستة أيام ، ثم علا بعد ذلك وارتفع على عرشه ؛ لتدبير أمور خلقه .
قوله : ما يكون من نجوى . . إلخ ؛ يثبت سبحانه شمول علمه وإحاطته بجميع الأشياء ، وأنه لا يخفى عليه نجوى المتناجين ، وأنه شهيد على الأشياء كلها ، مطلع عليها .
[ ص: 180 ] وإضافة ( نجوى ) إلى ثلاثة من إضافة الصفة إلى الموصوف ، والتقدير : ما يكون من ثلاثة نجوى ؛ أي : متناجين .
2 - وأما الآيات الباقية ؛ فهي في إثبات المعية الخاصة التي هي معيته لرسله تعالى وأوليائه بالنصر والتأييد والمحبة والتوفيق والإلهام .
فقوله تعالى : لا تحزن إن الله معنا حكاية عما قاله عليه الصلاة والسلام nindex.php?page=showalam&ids=1لأبي بكر الصديق وهما في الغار ، فقد أحاط المشركون بفم الغار عندما خرجوا في طلبه عليه السلام ، فلما رأى أبو بكر ذلك انزعج ، وقال : ( والله يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدمه لأبصرنا ) ، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم ما حكاه الله عز وجل هنا : لا تحزن إن الله معنا .
فالمراد بالمعية هنا معية النصر والعصمة من الأعداء .
وأما قوله : إنني معكما أسمع وأرى ؛ فقد تقدم الكلام عليه ، وأنها خطاب لموسى وهارون عليهما السلام ألا يخافا بطش فرعون بهما ؛ لأن الله عز وجل معهما بنصره وتأييده .
وكذلك بقية الآيات يخبر الله فيها عن معيته للمتقين الذين يراقبون الله عز وجل في أمره ونهيه ، ويحفظون حدوده ، وللمحسنين الذين يلتزمون [ ص: 181 ] الإحسان في كل شيء ، والإحسان يكون في كل شيء بحسبه ، فهو في العبادة مثلا أن تعبد الله كأنك تراه ؛ فإن لم تكن تراه فإنه يراك ؛ كما جاء في حديث جبريل عليه السلام .
وكذلك يخبر عن معيته للصابرين الذين يحبسون أنفسهم على ما تكره ، ويتحملون المشاق والأذى في سبيل الله وابتغاء وجهه ؛ صبرا على طاعة الله ، وصبرا عن معصيته ، وصبرا على قضائه .