التاسع :
التأويل الذي يوجب تعطيل المعنى الذي هو غاية العلو والشرف ويحمله إلى معنى دونه بمراتب ، مثاله تأويل
الجهمية : (
وهو القاهر فوق عباده ) ونظائره بأنها فوقية الشرف ، كقولهم : الدراهم فوق المفلس ، فعطلوا حقيقة الفوقية المطلقة التي هي من خصائص الربوبية المستلزمة لعظمة الرب تعالى وحطوها إلى كون قدره فوق قدر بني
آدم ، وكذلك تأويلهم استواءه على عرشه بقدرته عليه وأنه غالب عليه .
فيالله العجب ، هل شك عاقل في كونه غالبا لعرشه قادرا عليه حتى يخبر به سبحانه في سبعة مواضع من كتابه مطردة بلفظ واحد ليس فيها موضع واحد يراد به المعنى الذي أبداه المتأولون ؟ وهذا التمدح والتعظيم كله لأجل أن يعرفنا أنه غلب على عرشه وقدر عليه بعد خلق السماوات والأرض ؟ أفترى لم يكن غالبا للعرش قادرا عليه في مدة تزيد عن خمسين ألف سنة ثم تجدد له ذلك بعد خلق هذا العالم ؟