وقد تضمن هذا كله
تكذيبهم الصريح للمسيح ، وإن أوهمتهم ظنونهم الكاذبة أنهم يصدقونه ، فإن
المسيح قال لهم :
إن الله ربي وربكم ، وإلهي وإلهكم .
فشهد على نفسه أنه عبد الله مربوب مصنوع ، كما أنهم كذلك ، وأنه مثلهم في العبودية والحاجة والفاقة إلى الله تعالى .
وذكر أنه رسول الله إلى خلقه كما أرسل الأنبياء قبله .
ففي إنجيل
يوحنا : أن
المسيح قال في دعائه : إن الحياة الدائمة إنما تجب للناس بأن يشهدوا أنك الله الواحد الحق ، وأنك أرسلت يسوع
المسيح .
وهذا حقيقة شهادة المسلمين أن لا إله إلا الله وأن
محمدا رسول الله ، وقال
لبني إسرائيل : بل تريدون قتلي وأنا رجل قلت لكم الحق الذي سمعت الله يقول ، فذكر غايته أنه رجل بلغهم ما قاله الله ، ولم يقل وأنا إله ولا ابن إله ، على معنى التوالد ، وقال : إني لم أجئ لأعمل بمشيئة نفسي ولكن بمشيئة من أرسلني ، وقال : إن الكلام الذي تسمعونه مني ليس هو لي ، ولكن للذي أرسلني ، والويل لي إن قلت شيئا من تلقاء نفسي ، ولكن بمشيئة من أرسلني .
[ ص: 493 ] وكان يواصل العبادة من الصلاة والصوم ، ويقول : ما جئت لأخدم ، بل جئت لأخدم ، فأنزل نفسه بالمنزلة التي أنزله الله بها ، وهي منزلة الخدام لله ، وقال : لست أدين العباد بأعمالهم ولا أحاسبهم بأعمالهم ، ولكن الذي أرسلني هو الذي يلي ذلك منهم .
كل هذا في الإنجيل الذي بأيديهم ، وفيه أن
المسيح قال : يا رب ، قد علموا أنك قد أرسلتني ، وقد ذكرت لهم اسمك ، فأخبر أن الله ربه وأنه عبده ورسوله .