[ ص: 501 ] وإن جعلتموه إلها لأنه ادعى ذلك فلا يخلو إما أن يكون الأمر كما تقولون عنه ، أو يكون إنما ادعى العبودية والافتقار وأنه مربوب ومصنوع مخلوق ، فإن كما كان كما ادعيتم عليه فهذا أخو
المسيح الدجال ، وليس بمؤمن ولا صادق فضلا عن أن يكون نبيا كريما ، وجزاؤه جهنم وبئس المصير ، كما قال تعالى :
ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم .
وكل
من ادعى الإلهية من دون الله فهو من أعظم أعداء الله ،
كفرعون ونمرود وأمثالهما من أعداء الله ، فأخرجتم
المسيح عن كرامة الله ونبوته ورسالته ، وجعلتموه أعظم أعداء الله ، ولهذا كنتم أشد الناس عداوة للمسيح في صورة محب موال ! ومن أعظم ما يعرف به كذب
المسيح الدجال أنه يدعي الإلهية فيبعث الله عليه عبده ورسوله مسيح الهدى ابن
مريم فيقتله ، ويظهر للخلائق أنه كان كاذبا مفتريا ، ولو كان إلها لم يقتل ، فضلا عن أن يصلب ويسمر ويبصق في وجهه !
وإن كان
المسيح إنما ادعى أنه عبد الله ورسوله كما شهدت به الأناجيل كلها ودل عليه العقل والفطرة وشهدتم أنتم له بالإلهية - وهذا هو الواقع - فلم تأتوا على إلهيته ببينة غير تكذيبه في دعواه ، وقد ذكرتم عنه في أناجيلكم في مواضع عديدة ما يصرح بعبوديته ، وأنه مربوب مخلوق ، وأنه ابن البشر ، وأنه لم يدع غير النبوة والرسالة ، فكذبتموه في ذلك كله ، وصدقتم من كذب على الله وعليه !