فصل :
وقالت الملكية - وهم الروم نسبة إلى دين الملك ، لا إلى رجل يدعى ملكايا ، وهو صاحب مقالتهم ، كما يقوله بعض من لا علم له بذلك - إن الابن الأزلي
[ ص: 535 ] الذي هو الكلمة تجسدت من
مريم تجسدا كاملا كسائر أجساد الناس . وركبت في ذلك الجسد نفسا كاملة بالعقل والمعرفة والعلم كسائر أنفس الناس ، وأنه صار إنسانا بالجسد والنفس اللذين هما من جوهر الناس ، إلها بجوهر اللاهوت كمثل أبيه لم يزل ، وهو إنسان بجوهر الناس كمثل
إبراهيم وموسى وداود ، وهو شخص واحد لم يزد عدده ، وثبت له جوهر اللاهوت كما لم يزل ، وصح له جوهر الناسوت الذي لبسه
ابن مريم ، وهو شخص واحد لم يزد عدده ، وطبيعتان ولكل واحد من الطبيعتين مشيئة كاملة ، فله باللاهوتية مشيئة مثل الأب ، وله بناسوتيته مشيئة كمشيئة
إبراهيم وداود . وقالوا : إن
مريم ولدت
المسيح وهو اسم يجمع اللاهوت والناسوت . وقالوا : إن الذي مات هو الذي ولدته
مريم ، وهو الذي وقع عليه الصلب والتسمير والصفع والربط بالحبال ، واللاهوت لم يمت ولم يألم ولم يدفن .
قالوا : وهو إله قام بجوهر لاهوته ، وإنسان قائم بجوهر ناسوته ، وله المشيئتان : مشيئة اللاهوت ، ومشيئة الناسوت ، فأتوا بمثل ما أتى به
اليعقوبية من أن
مريم بزعمهم نزهوا الإله عن الموت .
وإذا تدبرت قولهم وجدته في الحقيقة هو قول
اليعقوبية مع تناقضهم ،
واليعقوبية أطرد لكفرهم لفظا ومعنى .