وكان لهم
مجمع ثالث بعد ثمان وخمسين سنة من المجمع الأول
بنيقية ، فاجتمع الوزراء والقواد إلى الملك ، وقالوا : إن مقالة الناس قد فسدت ، وغلبت عليهم مقالة
آريوس ومقدونيوس ، فاكتب إلى جميع الأساقفة والبتاركة أن يجتمعوا ويوضحوا دين
[ ص: 563 ] النصرانية . فكتب الملك إلى سائر البلاد ، فاجتمع في
قسطنطينية مائة وخمسون أسقفا ، فنظروا وبحثوا في مقالة
أريوس فوجدوها : أن
روح القدس مخلوق ، ومصنوع وليس بإله ، فقال بترك
الإسكندرية : ليس روح القدس عندنا غير روح الله ، وليس روح الله غير حياته ، وإذا قلنا : روح الله مخلوق فقد قلنا إن حياته مخلوقة ، وإذا قلنا : حياته مخلوقة ، فقد جعلناه غير حي ، وذلك كفر به .
فلعنوا جميعهم من يقول بهذه المقالة ، ولعنوا جماعة من أساقفتهم وبتاركتهم كانوا يقولون بمقالات أخر لم يرتضوها ، وبينوا أن
روح القدس خالق غير مخلوق ، إله حق من طبيعة الأب والابن ، جوهر واحد وطبيعة واحدة .
وزادوا في الأمانة التي وضعتها الثلاثمائة والثمانية عشر : ونؤمن بروح القدس الرب المحيي الذي من الأب منبثق . الذي مع الأب والابن وهو مسجود له وممجد .
وكان في تلك الأمانة : وبروح القدس فقط .
وبينوا أن الأب والابن وروح القدس ثلاثة أقانيم وثلاثة وجوه وثلاث خواص ، وأنها واحدة في تثليث في وحدة ، وبينوا : أن جسد المسيح بنفس ناطقة عقلية .
فانفض هذا الجمع وقد لعنوا فيه كثيرا من أساقفهم وأشياعهم .