ثم كان لهم بعد هذا مجمع خامس ، وذلك أنه كان
بالقسطنطينية طبيب راهب يقال له :
أوطيسوس يقول : إن جسد
المسيح ليس هو من أجسادنا بالطبيعة ،
فإن المسيح قبل التجسد من طبيعتين ، وبعد التجسد طبيعة واحدة ، وهو أول من أحدث هذه المقالة وهي مقالة
اليعقوبية ، فرحل إليه بعض الأساقفة ، فناظره وقطعه ودحض حجته .
ثم صار إلى
قسطنطينية فأخبر بتركها بالمناظرة وبانقطاعه ، فأرسل بترك
قسطنطينية إليه فاستحضره ، وجمع جمعا عظيما وناظره ، فقال
أوطيسوس : إن قلنا إن
للمسيح طبيعتين فقد قلنا بقول
نسطورس ، ولكنا نقول : إن
المسيح طبيعة واحدة وأقنوم واحد ، لأنه
[ ص: 566 ] من طبيعتين كانتا قبل التجسد زالت عنه وصار من طبيعة واحدة وأقنوم واحد . فقال له بترك
القسطنطينية : إن كان
المسيح طبيعة واحدة ، فالطبيعة الواحدة هي الطبيعة القديمة ، وهي الطبيعة المحدثة ، وإن كان القديم هو المحدث فالذي لم يزل هو الذي لم يكن ، ولو جاز أن يكون القديم هو المحدث لكان القائم هو القاعد ، والحار هو البارد ، فأبى أن يرجع عن مقالته فلعنوه ، فاستعدى إلى الملك ، وزعم أنهم ظلموه ، وسأله أن يكتب إلى جميع البتاركة للمناظرة ، فاستحضر الملك البتاركة والأساقفة من سائر البلاد إلى مدينة
أفسس ، فثبت بترك
الإسكندرية مقالة
أوطيسوس ، وقطع بتاركة
القسطنطينية وأنطاكية وبيت المقدس وسائر البتاركة والأساقفة ، وكتب إلى بترك رومية وإلى جماعة الكهنة ، فحرمهم ومنعهم من القربان ، إن لم يقبلوا مقالة
أوطيسوس ، وفسدت الأمانة وصارت المقالة مقالة
أوطيسوس وخاصة
بمصر والإسكندرية وهو مذهب
اليعقوبية .
فافترق هذا المجمع الخاص ، وكل فريق يلعن الآخر ويحرمه ويتبرأ من مقالته .