[ ص: 232 ] ( فصل ) ومن بعض
حقوق الله على عبده رد الطاعنين على كتابه ورسوله ودينه ، ومجاهدتهم بالحجة والبيان ، والسيف والسنان ، والقلب والجنان ، وليس وراء ذلك حبة خردل من الإيمان .
وكان انتهى إلينا مسائل أوردها بعض الكفار الملحدين على بعض المسلمين فلم يصادف عنده ما يشفيه ، ولا وقع دواؤه على الداء الذي فيه ، وظن المسلم أنه بضربه يداويه ، فسطا به ضربا وقال : هذا هو الجواب ، فقال الكافر : صدق أصحابنا في قولهم : إن دين الإسلام إنما قام بالسيف لا بالكتاب . فتفرقا وهذا ضارب وهذا مضروب ، وضاعت الحجة بين الطالب والمطلوب ، فشمر المجيب عن ساعد العزم ، ونهض على ساق الجد ، وقام لله قيام مستعين به مفوض إليه متوكل في موافقة مرضاته عليه ، ولم يقل مقالة العجزة الجهال : إن الكفار إنما يعاملون بالجلاد دون الجدال ، وهذا فرار من الزحف ، وإخلاد إلى العجز والضعف . فمجادلة الكفار بعد دعوتهم إقامة للحجة وإزالة للعذر
ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة ، والسيف إنما جاء منفذا للحجة مقوما للمعاند ، وحدا للجاحد .
[ ص: 233 ] قال تعالى :
لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز .
فدين الإسلام قام بالكتاب الهادي ونفذه السيف الناصر .
شعر :
فما هو إلا الوحي أو حد مرهف يقيم ضياه أخدعي كل مائل فهذا شفاء الداء من كل عاقل
وهذا دواء الداء من كل جاهل
وإلى الله الرغبة في التوفيق ، فإنه الفاتح من الخير أبوابه ، والميسر له أسبابه .