فالمسلمون يؤمنون بالمسيح الصادق الذي جاء من عند الله بالهدى ودين الحق ، الذي هو عبد الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى
مريم العذراء البتول ،
والنصارى إنما تؤمن بمسيح دعا لعبادة نفسه وأمه ، وأنه ثالث ثلاثة ، وأنه الله أو ابن الله ، وهذا هو أخو
المسيح الكذاب لو كان له وجود .
فإن
المسيح الكذاب يزعم أنه الله ، والنصارى في الحقيقة أتباع هذا
المسيح الكذاب ، كما أن
اليهود ينتظرون خروجه ، وهم يزعمون أنهم ينتظرون النبي الذي بشروا به ، فعوضهم الشيطان بعد مجيئه من الإيمان به الانتظار للمسيح الدجال ، وهكذا كل من أعرض عن الحق يعوض من الباطل . وأصل هذا أن إبليس لما أعرض عن السجود لآدم كبرا أن يخضع له تعوض من ذلك ذل القيادة لكل فاسق ومجرم من بنيه ، فلا بتلك النخوة ولا بهذه الحرفة ، والنصارى لما أنفوا أن يكون
المسيح عبدا لله تعوضوا من هذه الأنفة بأن رضوا أن يجعلوه مصفعة لليهود ، ومصلوبهم الذي يسخرون منه ويهزءون به ، ثم عقدوا له تاجا من الشوك بدل تاج الملك ، وساقوه في حبل إلى خشبة الصلب يصفقون حوله ويرقصون . فلا بتلك الأنفة من عبودية الله ، ولا بهذه النسبة له إلى أعظم الذل ، والضيم والقهر .