فصل : في أن
الخارجين عن طاعة الرسل يتقلبون في الظلمات وأن أتباعهم يتقلبون في عشرة أنوار .
والخارجون عن طاعة الرسل " صلوات الله وسلامه عليهم " ومتابعتهم يتقلبون في عشر ظلمات : ظلمة الطبع ، وظلمة الجهل ، وظلمة الهوى ، وظلمة القول ، وظلمة العمل ، وظلمة المدخل ، وظلمة المخرج ، وظلمة القبر ، وظلمة القيامة ، وظلمة دار القرار . فالظلمة لازمة لهم في دورهم الثلاث .
وأتباع الرسل صلوات الله وسلامه عليهم يتقلبون في عشرة أنوار ، ولهذه الأمة ونبيها من النور ما ليس لأمة غيرها ، ولا لنبي غيره ، فإن لكل " نبي " منهم نورين ، ولنبيها صلى الله عليه وسلم تحت كل شعرة من رأسه وجسده نور تام ، كذلك صفته وصفة أمته في الكتب المتقدمة .
وقال جل وعلا : (
ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم ) وفي قوله : (
تمشون به ) إعلام بأن تصرفهم وتقلبهم الذي ينفعهم إنما هو النور ، وأن مشيهم بغير النور غير مجد عليهم ، ولا نافع لهم بل ضرره أكثر من نفعه .
[ ص: 44 ] وفيه : أن أهل النور هم أهل المشي في الناس ، ومن سواهم أهل الزمانة والانقطاع فلا مشي لقلوبهم ولا لأحوالهم ، ولا لأقوالهم ، ولا لأقدامهم إلى الطاعات . وكذلك لا تمشي على الصراط إذا مشت بأهل الأنوار أقدامهم .
وفي قوله تعالى : (
تمشون به ) نكتة بديعة وهي : أنهم يمشون على الصراط بأنوارهم كما يمشون بها بين الناس في الدنيا ، ومن لا نور له فإنه لا يستطيع أن ينقل قدما عن قدم على الصراط ، فلا يستطيع المشي أحوج ما يكون إليه .