( حدثنا
قتيبة ) بالتصغير (
بن سعيد حدثنا
شريك عن
nindex.php?page=showalam&ids=16597علي بن الأقمر ، عن
أبي جحيفة ) بضم جيم وفتح مهملة ( قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما ) بالتشديد وهي لتفصيل ما أجمل ، وقد ترد لمجرد التأكيد كما هنا ( إنا ) قال
ابن حجر : خصص نفسه الشريفة بذلك ; لأن من خصائصه كراهته له دون أمته على ما زعمه
nindex.php?page=showalam&ids=12847ابن القاص من أئمتنا ، والأصح كراهته لهم أيضا ، فوجه ذلك أن قضية كماله صلى الله عليه وسلم عدم الاتكاء في الأكل ، إذ مقامه الشريف يأباه من كل وجه ، فامتاز عليهم بذلك انتهى .
والأظهر أن يراد به تعريض غيره من أهل الجاهلية والأعجام ، بأنهم يفعلون ذلك إظهارا للعظمة والكبرياء والخيلاء ، وأما أنا فلا أفعل ذلك ، وكذلك من تبعني قال تعالى :
قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وفيه إشارة خفية إلى امتناعه ، إنما هو بالوحي الخفي لا الجلي ( فلا آكل ) بالمد على أنه متكلم ( متكئا ) بالهمزة ويجوز تخفيفه ، والتاء مبدلة من الواو مأخوذ من الوكاء ، وهو ما يشد به الكيس ونحوه ، ونصبه على الحال أي لا أقعد متكئا على وطاء تحتي ; لأن هذا فعل من يريد أن يستكثر الطعام ، وإنما أكلي بلغة منه ، فيكون قعودي له مستوفرا
[ ص: 228 ] وليس المتكئ هنا المائل على أحد شقيه ، كما تظنه العامة ، ذكره
الخطابي ، قال
ابن حجر : ومراده أن المتكئ هنا لا ينحصر في المائل ، بل يشمل الأمرين ، فيكره كل منهما ; لأنه فعل المتكبرين الذين لهم نهمة وشره ، واستكثار من الأطعمة ، ويكره أيضا مضطجعا ، إلا فيما ينتقل به ، ولا يكره قائما لكنه قاعدا أفضل .
قال
ميرك : اعلم أن المحققين من العلماء قالوا : الاتكاء على أربعة أنواع : الأول الاتكاء على أحد الجنبين ، الثاني : وضع إحدى اليدين على الأرض والاتكاء عليها ، والثالث : التربع على وطاء والاستواء عليه ، والرابع : استناد الظهر على وسادة ونحوها ، وكل ذلك مذموم حالة الأكل منهي عنه ; لأن فيه تكبرا ،
والسنة أن يقعد عند الأكل مائلا إلى الطعام ، وكان سبب هذا الحديث قصة الأعرابي المذكورة في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11788عبد الله بن بسر ، عند
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني بإسناد حسن ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345192أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة ، فجثى على ركبتيه يأكل ، فقال له أعرابي : ما هذه الجلسة ؟ فقال : إن الله جعلني عبدا كريما ، ولم يجعلني جبارا عنيدا ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : إنما فعل صلى الله عليه وسلم ذلك تواضعا لله ، ومن ثمة قال :
إنما أنا عبد أجلس كما يجلس العبد ، وآكل كما يأكل العبد ، ثم ذكر من طريق
أيوب عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري قال : "
أتى النبي صلى الله عليه وسلم ملك لم يأته قبلها ، فقال : إن ربك يخيرك بين أن تكون عبدا نبيا ، أو ملكا نبيا ، قال : فنظر إلى جبريل كالمستشير له ، فأومأ إليه أن تواضع ، فقال : بل عبدا نبيا ، قال : فما آكل متكئا " ، وهذا مرسل أو معضل ، وقد وصله
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طريق آخر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس نحوه ، وأخرج
أبو داود من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص ، أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345195ما رؤي النبي صلى الله عليه وسلم يأكل متكئا قط " .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن
مجاهد ، قال : "
ما أكل النبي صلى الله عليه وسلم متكئا إلا مرة واحدة ، ثم فزع ، فقال : إني أعيذ بك رسولك " ، وهذا مرسل ، ويمكن الجمع بأن تلك المرة التي في أثر
مجاهد ، ما اطلع عليها
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو ، وأخرج
ابن شاهين في ناسخه من مرسل
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار ،
أن جبريل رأى النبي صلى الله عليه وسلم يأكل متكئا فنهاه ، ومن حديث
أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهاه جبريل عن الأكل متكئا ، بعد ذلك ، واختلف السلف في
حكم الأكل متكئا ، فزعم
nindex.php?page=showalam&ids=12847ابن القاص أنه من خصائص النبوة ، وتعقبه
البيهقي ، فقال : قد يكره لغيره أيضا ; لأنه من فعل المتنعمين ، وأصله مأخوذ من ملوك العجم ، قال : فإن كان بالمرء مانع لا يمكن معه من الأكل إلا متكئا ، لم يكن في ذلك كراهة ، ثم ساق عن جماعة من السلف أنهم أكلوا كذلك ، وأشار إلى حمل ذلك عنهم على الضرورة .
وفي الحمل نظر ، إذ قد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=22وخالد بن الوليد nindex.php?page=showalam&ids=16536وعبيدة السلماني ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972ومحمد بن سيرين ،
nindex.php?page=showalam&ids=16572وعطاء بن يسار ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ، جواز ذلك مطلقا ، قال
العسقلاني : ورد فيه نهي صريح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يعتمد الرجل على يده اليسرى عند الأكل ، قال
مالك : هو نوع من الاتكاء وفي هذا إشارة منه إلى كراهة كل ما يعد الآكل فيه متكئا ، ولا يختص بصفة بعينها ، وإذا ثبت
[ ص: 229 ] كونه مكروها أو خلاف الأولى ، فالمستحب في صفة الجلوس للأكل أن يكون جاثيا على ركبتيه ، وظهور قدميه ، أو ينصب الرجل اليمنى ، ويجلس على اليسرى ، واستثنى
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي من كراهة الأكل مضطجعا ، أكل النقل ، واختلف في علة الكراهة ، وأقوى ما ورد في ذلك ما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي ، قال : كانوا يكرهون أن يأكلوا تكأة مخافة أن يعظم بطونهم ، وإلى ذلك يشير بقية ما ورد فيه من الأخبار ، فهو المعتمد ، ووجه الكراهة فيه ظاهر ، وكذلك ما أشار إليه صاحب النهاية ، من جهة الطب ، حيث قال : ومن حمل الاتكاء على الميل على أحد الشقين تأوله على مذهب الطب ، فإنه لا ينحدر على مجاري الطعام سهلا ، ولا يسيغه هنيئا ، وربما تأذى به .