( باب ما جاء في
صفة كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الشعر )
الشعر معروف ، وشعرت أصبت الشعر ، ومنه شعرت كذا أي : أصبت علما دقيقا كإصابة الشعر قيل ، وأصله الشعر بفتحتين ، وسمي الشاعر شاعرا لفطنته ودقة معرفته فالشعر في الأصل علم للعلم الدقيق في قولهم ليت شعري أي : ليت علمي ، وأما ما في الصحاح أي : ليتني علمت ، فحاصل المعنى ، وصار في التعارف اسما للموزون المقفى من الكلام ، والشاعر المختص بصناعته كما قاله
الراغب في مفرداته ، وقال فيه أيضا قال بعض الكفار في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه شاعر ، فقيل لما وقع في القرآن من الكلمات الواردة الموزونة مع القوافي يعني نحو
ثم أقررتم وأنتم تشهدون ثم أنتم هؤلاء تقتلون ونحو
لن تنالوا البر حتى تنفقوا ،
نصر من الله وفتح قريب وقيل أرادوا أنه كاذب لأن ما في الشعر أكثره كذب ، ومن ثمة سموا الأدلة الكاذبة شعرا ، وقيل في الشعر : أكذبه أحسنه ، ويؤيده قوله تعالى
وأنهم يقولون ما لا يفعلون ويؤيد الأول ما ذكر في حد الشعر أن شرطه القصد إليه ، وأما ما وقع موزونا اتفاقا ; فلا يسمى شعرا كذا كرره جماعة من المحققين .
وأقول هذا القيد يخرج ما صدر منه - صلى الله عليه وسلم - من الكلام الموزون ، وأما ما وقع في الكتاب المكنون ; فلا شك أنه مقرون بالإرادة ، والمشيئة التي هي معنى القصد ; لأنه لا يقع في الكون شيء دون المشيئة ، ولعل الجواب أنه ليس مقصودا
[ ص: 41 ] بالذات ، وأنه وقع تبعا كما حقق في بحث الخير والشر والله أعلم .