( حدثنا
أحمد بن عبدة الضبي حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14919فضيل بن عياض عن
منصور عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
عروة عن
عائشة قالت : ما رأيت ) أي : ما علمت فإنه أبلغ من
ما أبصرت ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منتصرا ) أي : منتقما ( من مظلمة ) وهي بكسر اللام اسم لما تطلبه عن الظالم ، وهو ما أخذ منك وبفتح اللام مصدر ظلمه يظلمه ظلما ومظلمة ، وقيل بالكسر والفتح الظلم ، وهو وضع الشيء في غير محله ، والمعتمد هو الأول أي : من أجل ما أخذ ونيل من معصوم عدوانا ، سواء
[ ص: 197 ] كان في البدن أم العرض أم المال أم الاختصاص ( ظلمها قط ) بصيغة المجهول والضمير المستتر في ظلم راجع إلى الرسول - عليه السلام - والظلم متعد إلى مفعول واحد فلا يظهر تعدي ظلم هاهنا بالضمير المنصوب إلا أن يقال بنزع الخافض أي : ظلم بها ويقال إنه لكونه راجعا إلى المظلمة مفعول مطلق كذا قاله
الحنفي ، وقال
ابن حجر : هي بفتح الميم واللام مصدر وبكسر اللام أو ضمها اسم فالمنصوب في ظلمها على الأول مفعول مطلق وعلى الثاني مفعول به وظلم يتعدى لمفعولين كما في القاموس خلافا لمن زعم قصره على واحد فقدر ظلم بها ، قلت : عبارة القاموس ظلمه حقه والمظلمة بكسر اللام ولم يذكرها في المصدر والظاهر أن قول
ابن حجر : أو ضمها سهو ووهم .
ثم اعلم أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما لم ينتقم لمظلمة ينتقم مع أن مرتكبها قد باء بإثم عظيم لا سيما
لبيد بن الأعصم الذي سحره واليهودية التي سمته ؛ لأنه حق آدمي يسقط بعفوه بخلاف حقوق الله التي ذكرتها بقولها ( ما لم ينتهك من محارم الله شيء ) وهي بصيغة المجهول أي : ما لم يرتكب مما حرمه الله على عباده قال
الحنفي : المحارم جمع المحرم ، وهو الحرام والحرمة وحقيقته موضع الحرمة انتهى ، والظاهر أنه مصدر ميمي بمعنى المفعول كما لا يخفى (
فإذا انتهك من محارم الله تعالى شيء كان من أشدهم في ذلك غضبا ) وقد سبق أن قوله من أشدهم لا ينافي كونه أشدهم ، لكن قيل من هاهنا زائدة كما صرحت به روايات أخر نقله
ابن حجر ، وفيه أن زيادة من في الكلام الموجب غير معتبرة عند الجمهور ثم من محارم الله التي ينتقم لها ولا يعفو عنها حق الآدمي إذا صمم في طلبه ولا ينافي الحديث أمره - صلى الله عليه وسلم - بقتل
ابن خطل ونحوه ممن كان
[ ص: 198 ] يؤذيه - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأنهم كانوا مع ذلك ينتهكون حرمات الله أو أن عفوه محمول على ذنب لم يكفر به فاعله قيل ظلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستلزم انتهاك شيء من محارم الله تعالى مع أن ظلمه إيذاؤه وإيذاؤه إيذاء لله تعالى وأجيب بأن الإيذاء مطلقا ليس بكفر ؛ لأن إيذاءه قد يصدر من مؤمن جاف ، وهذا له نوع عذر فلم يكفره وعفا عنه ، وأما تجاوزه عن المنافقين فلئلا ينفر الناس عنه ولم يتحدثوا عنه أنه يقتل أصحابه وكان يسامح عن كافر معاهد ليتألفه أو عن حربي لكونه غير ملتزم للأحكام ، وروى
الحاكم (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345864ما لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسلما بذكره أي : بصريح اسمه وما ضرب بيده قط شيئا إلا أن يضرب في سبيل الله ولا سئل شيئا قط فمنعه إلا أن يسأل مأثما ولا انتقم لنفسه من شيء إلا أن ينتهك حرمات الله تعالى فيكون لله ينتقم ) ( وما خير ) أي : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345865بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن ) أي : الأيسر ( مأثما ) أي : إثما كما في الصحيحين أو موضع إثم ذكره
الحنفي ، وقال
ابن حجر : أي : إثما كما في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وفيها أيضا فإن كان إثما كان أبعد الناس منه ، وفي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ( ما لم يكن لله تعالى فيه سخط فالإثم المعصية وزعم أنه يشمل ترك المندوب إنما نشأ عن الجهل بكلام الأصوليين من الفقهاء ، ثم قال
ابن حجر : تبعا لشارح التخيير إما بأن يخيره الله تعالى فيما فيه عقوبتان فيختار الأخف أو في قتال الكفار وأخذ الجزية فيختار أخذها أو في حق أمته في المجاهدة في العبادة والاقتصاد فيختار الاقتصاد ، وإما بأن يخيره المنافقون والكفار فعلى الأخير يكون الاستثناء متصلا وعلى ما سبق منقطعا إذ لا يتصور تخيير الله تعالى إلا بين جائزين قلت بقي تخيير آخر من الله تعالى في حق أمته بين وجوب الشيء وندبه أو حرمته وإباحته وتخيير بين المسلمين له في أمرين فيختار الأيسر على نفسه أو عليهم .