صفحة جزء
( حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني ) بسكون الميم ( حدثنا عبدة عن سفيان الثوري عن جابر عن الشعبي ) بفتح فسكون ، وهو عامر بن شراحيل من أكابر التابعين منسوب إلى شعب بطن من همدان قال : أدركت خمسمائة من الصحابة أو أكثر يقولون : علي وطلحة والزبير في الجنة ، وقد مر به ابن عمر - رضي الله عنهما - ، وهو يحدث بالمغازي فقال شهدت القوم ، وهو أعلم بها مني ، وقال ابن سيرين لأبي بكر الهمداني : الزم الشعبي فلقد رأيته يستفتى وأصحاب النبي بالكوفة والحسن ، وقال الزهري : العلماء أربعة : ابن المسيب بالمدينة ، والشعبي بالكوفة ، والحسن بالبصرة ، ومكحول بالشام ( عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم في الأخدعين ) وهما عرقان في جانبي العنق ( وبين الكتفين ) وسيجيء أنه كان يحتجم في الأخدعين والكاهل ، وهو بكسر الهاء ما بين الكتفين ، وقال ميرك : هو مقدم الظهر مما يلي العنق ، وهو الكتد ، والحديث على ما في المتن حسنه المصنف وغيره ، وصححه الحاكم ، وروى عبد الرزاق أنه صلى الله عليه - [ ص: 222 ] وسلم - لما سم بخيبر احتجم ثلاثة على كاهله ، وقد ذكروا أن الاستفراغ ينفع السم وأنفعه الحجامة لا سيما في بلد أو زمن حار فإن السم يسري في الدم فتتبعه في العروق والمجاري حتى تصل إلى القلب ، وبخروجه يخرج ما خالطه من السم ، ثم إن كان استفراغا عاما أبطله وإلا أضعفه فتقوى الطبيعة عليه وتقهره ، وإنما احتجم - صلى الله عليه وسلم - على الكاهل ؛ لأنه أقرب إلى القلب لكن لم تخرج المادة كلها به لما أراده الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - من تكميل مراتب الفضل بالشهادة التي ودها - صلى الله عليه وسلم - .

وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يحتجم بين الأخدعين والكاهل ، وروى ابن ماجه عن علي - كرم الله وجهه - قال : نزل جبريل عليه السلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - بحجامة الأخدعين والكاهل ، وروى أبو داود أنه - صلى الله عليه وسلم - احتجم في وركه من ونى كان به .

وروي في الحجامة في المحل الذي إذا استلقى الإنسان أصابته الأرض من رأسه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : إنها شفاء من اثنين وسبعين داء .

قال ابن سينا : إن الحجامة فيها تورث النسيان حقا ، ونقله حديثا ولفظه مؤخر الدماغ موضع الحفظ ويضعفه الحجامة ، وقال غيره : إن ثبت هذا الحديث فهي إنما تضعفه إذا كانت لغير ضرورة لها كغلبة الدم فإنها نافعة طبا وشرعا فقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه احتجم في عدة أماكن من قفاه وغيره بحسب ما دعت ضرورته إليه .

وأخرج أحمد من طريق جرير بن حازم قال : سمعت قتادة يحدث عن أنس قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحتجم ثلاثا : واحدة على كاهله واثنتين على الأخدعين .

وأخرج ابن سعد من طريق عبد العزيز بن صهيب عن الحسن قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحتجم ثنتين في الأخدعين وواحدة في الكاهل وكان يأمر بالوتر .

قال أهل العلم بالطب فصد الباسليق ينفع حرارة الكبد والطحال والرئة ومن الشوصة وذات الجنب وسائر الأمراض الدموية العارضة من أسفل الركبة إلى الورك ، وفصد الأكحل ينفع الامتلاء العارض في جميع البدن إذا كان دمويا ، ولا سيما إذا كان فسد ، وفصد القيقان ينفع من علل الرأس والرقبة إذا كثر الدم أو فسد وفصد الودجين للطحال والربو ووجع الجنبين ، والحجامة على الكاهل ينفع من وجع المنكب والحلق وينوب عن فصد الباسليق والحجامة تحت الذقن تنفع من وجع الأسنان والوجه والحلقوم وتنفي الرأس ، والحجامة على ظهر القدم تنوب عن فصد الصافن ، وهو عرق عند الكعب وتنفع عن قروح الفخذين والساقين وانقطاع الطمث والحكة العارضة للأنثيين ، والحجامة على أسفل الصدر نافعة من دماميل الفخذ وبثوره من النقرس والبواسير وداء الفيل وحكة الظهر ، ومحل ذلك كله إذا كان عن دم هائج وصادف وقت الاحتياج إليه والحجامة على المقعد ينفع الأمعاء وفساد الحيض ( وأعطى الحجام أجره ولو كان ) أي : أجره ( حراما لم يعطه ) وهو في الصحيحين أيضا فذهب الجمهور إلى أنه حلال واحتجوا بهذا الحديث ونحوه ، وقالوا : هو كسب فيه دناءة وليس بمحرم فحملوا الزجر على التنزيه وتقدم مذهب أحمد ومنهم [ ص: 223 ] من ادعى النسخ وأنه كان حراما ، ثم أبيح وجنح إلى ذلك الطحاوي قال ميرك : والنسخ لا يثبت بالاحتمال قلت هذا معلوم عند أرباب الاستدلال فلو لم يظهر لهم دلالة على تلك الحال لما مالوا إلى هذا المقال .

التالي السابق


الخدمات العلمية