صفحة جزء
( حدثنا أحمد بن منيع ، أخبرنا محمد بن يزيد ) : أي الكلاعي ، شامي ، ثقة ، أخرج حديثه أبو داود والترمذي والنسائي . ( عن محمد بن إسحاق ) : أي ابن يسار ، إمام أهل المغازي ، صدوق ، أخرج حديثه البخاري في التعليق والترمذي في الشمائل وباقي الأئمة الأربعة في صحاحهم . ( عن محمد بن المنكدر ) : تابعي جليل ، أخرج حديثه الأئمة الستة . ( عن جابر ) : وفي نسخة هو ابن عبد الله . ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عليكم بالإثمد " ) : وهو اسم فعل بمعنى خذوه فيرجع إلى معنى قوله : " اكتحلوا به " . ( عند النوم ) قال ابن حجر : والأمر للندب إجماعا . ( فإنه يجلو البصر ، وينبت الشعر ) : وتعليله بالمنافع الدنيوية لا ينافي كون الأمر للسنية لاسيما وقد وقعت مواظبته الفعلية وترغيباته القولية ، وتلك المنافع وسيلة إلى الأمور الأخروية كمعرفة الطهارة وتوجه القبلة وغير ذلك مما يترتب على منافع البصر حتى فضله بعضهم على السمع ، متعنا الله تعالى بهما ، فلا يلتفت إلى ما قاله العصام من أنه لما كان غالب ما يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم من المصالح الدينية ، نبه على أن هذا الأمر ليس منها بل لمصلحة البدن من غير أن يتعلق به ثواب وعقاب ، وأن الناس يتفاوتون في الائتمار به على تفاوت حاجتهم . لكن هذه النكتة تنافي ما ذكره أصحاب الشافعي : أن الاكتحال سنة والإيتار فيه مستحب ، ولا يخفى أنه لا يظهر إذا أمر بشيء لنفع البدن كونه سنة أو فرضا ، انتهى . وهو غفلة منه أن الأمر بالأكل قد يكون فرضا والأمر بالسحور سنة مع أن نفعه راجع إلى البدن ، ولهذا قال العلماء : لو امتنع المضطر أو المرتاض عن الأكل بل عن السؤال حتى يموت جوعا مات عاصيا . واتفقوا على حرمة أكل التراب والطين ونحوهما لأجل ضرر البدن ، وإنما حرم الخمر لضرر العقل ، فتعقل وتأمل يظهر لك وجه الخلل فتجتنب دخول الوحل وتتخلص من الخطل ، نعم ، في التعليل إشارة لطيفة إلى أن المكتحل إذا أراد تحصيل السنة ينبغي أن يقصد بالاكتحال المعالجة والدواء لا مجرد الزينة كالنساء ، ولذا ذهب الإمام مالك إلى كراهة الاكتحال للرجال مطلقا إلا للتداوي ، والله هو الهادي .

التالي السابق


الخدمات العلمية