الفصل الثامن في إعلام الله - تعالى - خلقه بصلاته عليه ، وولايته له ، ورفعه العذاب بسببه
قال - تعالى - :
وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم [ الأنفال : 33 ] ، أي ما كنت
بمكة ، فلما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من
مكة ، وبقي من المؤمنين نزل :
وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون [ الأنفال : 33 ] ، وهذا مثل قوله :
لو تزيلوا لعذبنا [ الفتح : 25 ] الآية .
فلما هاجر المؤمنون نزلت :
وما لهم ألا يعذبهم الله [ الأنفال : 34 ] وهذا من أبين ما يظهر مكانته - صلى الله عليه وسلم - ، ودرأته العذاب عن
أهل مكة بسبب كونه ثم
[ ص: 142 ] كون أصحابه بعده بين أظهرهم فلما خلت
مكة منهم عذبهم الله بتسليط المؤمنين عليهم ، وغلبتهم إياهم ، وحكم فيهم سيوفهم ، وأورثهم أرضهم ، وديارهم ، وفي الآية أيضا تأويل آخر .
حدثنا
القاضي الشهيد أبو علي - رحمه الله - بقراءتي عليه ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13132أبو الفضل بن خيرون ،
وأبو الحسين ،
والصيرفي ، قالا : حدثنا
أبو يعلى ابن زوج الحرة ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14534أبو علي السنجي ، حدثنا
محمد بن محبوب المروزي ، حدثنا
أبو عيسى الحافظ ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16010سفيان بن وكيع ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13608ابن نمير ، عن
إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر ، عن
عباد بن يوسف ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11936أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989099أنزل الله علي أمانين لأمتي ، وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون [ الأنفال : 33 ] فإذا مضيت تركت فيكم الاستغفار .
ونحو منه قوله - تعالى - :
وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين [ الأنبياء : 107 ] ، وقال - صلى الله عليه وسلم - :
أنا أمان لأصحابي . قيل : من البدع ، وقيل : من الاختلاف ، والفتن .
قال بعضهم :
الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الأمان الأعظم ما عاش ، وما دامت سنته باقية فهو باق ، فإذا أميتت سنته فانتظر البلاء ، والفتن ، وقال الله - تعالى - :
إن الله وملائكته يصلون على النبي [ الأحزاب : 56 ] الآية أبان الله تعالى فضل نبيه - صلى الله عليه وسلم - بصلاته عليه ، ثم بصلاة ملائكته ، وأمر عباده بالصلاة ، والتسليم عليه ، وقد حكى
nindex.php?page=showalam&ids=13428أبو بكر بن فورك أن بعض العلماء تأول قوله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989101وجعلت قرة عيني في الصلاة على هذا ، أي في صلاة الله - تعالى - علي ، وملائكته ، وأمره الأمة بذلك إلى يوم القيامة ، والصلاة من الملائكة [ استغفار ] ، ومنا له دعاء ، ومن الله - عز وجل - رحمة ، وقيل : يصلون : يباركون ، وقد فرق النبي - صلى الله عليه وسلم - حين علم الصلاة عليه بين لفظ الصلاة ، والبركة ، وسنذكر حكم الصلاة عليه ، وذكر بعض
[ ص: 143 ] المتكلمين في تفسير حروف
كهيعص [ مريم : 1 ] أن الكاف من [ كاف ] ، أي كفاية الله - تعالى - لنبيه ، قال - تعالى - :
أليس الله بكاف عبده [ الزمر : 36 ] الآية ، والهاء هدايته له ، قال :
ويهديك صراطا مستقيما [ الفتح : 2 ]
هو الذي أيدك بنصره [ الأنفال : 62 ] ، والعين عصمته له قال :
والله يعصمك من الناس [ المائدة : 67 ] ، والصاد : صلاته عليه ، قال :
إن الله وملائكته يصلون على النبي [ الأحزاب : 56 ] وقال تعالى :
وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه [ التحريم : 4 ] الآية ، مولاه أي ، وليه ، وصالح المؤمنين : قيل : الأنبياء ، وقيل : الملائكة ، وقيل :
أبو بكر ،
وعمر ، وقيل :
علي - رضي الله عنهم - ، وقيل المؤمنين على ظاهره .