الفصل الرابع عشر :
الشجاعة ، والنجدة
وأما الشجاعة ، والنجدة فالشجاعة فضيلة قوة الغضب ، وانقيادها للعقل ، والنجدة : ثقة النفس عند استرسالها إلى الموت حيث يحمد فعلها دون خوف .
وكان - صلى الله عليه وسلم - منهما بالمكان الذي لا يجهل ، قد حضر المواقف الصعبة ، وفر الكماة والأبطال عنه غير مرة ، وهو ثابت لا يبرح ، ومقبل لا يدبر ، ولا يتزحزح ، وما شجاع إلا وقد أحصيت له فرة ، وحفظت عنه جولة سواه .
[ حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14050أبو علي الجياني فيما كتب لي ، حدثنا
القاضي سراج ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13722أبو محمد الأصيلي ، حدثنا
أبو زيد الفقيه ، حدثنا
محمد بن يوسف ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل ، حدثنا
ابن بشار ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16769غندر ، حدثنا
شعبة ، عن
أبي إسحاق : سمع
البراء ، وسأله رجل :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989205أفررتم يوم حنين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يفر .
ثم قال : لقد رأيته على بغلته البيضاء ، وأبو سفيان آخذ بلجامها ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : أنا النبي لا كذب وزاده غيره : أنا ابن عبد [ ص: 182 ] المطلب . قيل : فما رئي يومئذ أحد كان أشد منه .
وقال غيره :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989206نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بغلته . وذكر
مسلم عن العباس ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989207فلما التقى المسلمون ، والكفار ، ولى المسلمون مدبرين ، فطفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يركض بغلته نحو الكفار ، وأنا آخذ بلجامها أكفها إرادة ألا تسرع ، وأبو سفيان آخذ بركابه ، ثم نادى : يا للمسلمين . . . الحديث .
وقيل :
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا غضب ، ولا يغضب إلا لله لم يقم لغضبه شيء . وقال :
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989209ما رأيت أشجع ، ولا أنجد ، ولا أجود ، ولا أرضى ، ولا أفضل من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وقال
علي - رضي الله عنه - :
إنا كنا إذا حمي البأس ، ويروى : اشتد البأس ، واحمرت الحدق اتقينا برسول الله ، فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه ، ولقد رأيتني يوم بدر ، ونحن نلوذ بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهو أقربنا إلى العدو ، وكان من أشد الناس يومئذ بأسا .
وقيل : كان الشجاع هو الذي يقترب منه - صلى الله عليه وسلم - إذا دنا العدو ، لقربه منه . وعن
أنس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989211كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس ، وأجود الناس ، وأشجع الناس ، لقد فزع أهل المدينة ليلة ، فانطلق ناس قبل الصوت ، فتلقاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - راجعا ، قد سبقهم إلى الصوت ، واستبرأ الخبر على فرس لأبي طلحة عري ، والسيف في عنقه ، وهو يقول : لن تراعوا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين :
ما لقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتيبة إلا كان أول من يضرب . ولما رآه
أبي بن خلف يوم
أحد ، وهو يقول : أين
محمد ، لا نجوت إن نجا . وقد كان يقول للنبي - صلى الله عليه وسلم - حين افتدى يوم
بدر : عندي فرس أعلفها كل يوم فرقا من ذرة أقتلك عليها . فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنا أقتلك إن شاء الله .
فلما رآه يوم أحد شد
أبي على فرسه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فاعترضه رجال من المسلمين ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : هكذا ، أي خلوا طريقه وتناول الحربة من
الحارث بن الصمة ،
[ ص: 183 ] فانتفض بها انتفاضة تطايروا عنه تطاير الشعراء عن ظهر البعير إذا انتفض ، ثم استقبله النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فطعنه في عنقه طعنة تدأدأ منها عن فرسه مرارا .
وقيل : بل كسر ضلعا من أضلاعه ، فرجع إلى
قريش يقول : قتلني
محمد ، وهم يقولون لا بأس بك . فقال : لو كان ما بي بجميع الناس لقتلهم ، أليس قد قال : أنا أقتلك ، والله لو بصق علي لقتلني . فمات
بسرف في قفولهم إلى
مكة .