الفصل السادس عشر : حسن عشرته - صلى الله عليه وسلم -
وأما
حسن عشرته ، وأدبه ، وبسط خلقه - صلى الله عليه وسلم - مع أصناف الخلق فبحيث انتشرت به الأخبار الصحيحة .
قال
علي - رضي الله عنه - في وصفه - عليه الصلاة ، والسلام - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989217كان أوسع الناس صدرا ، وأصدق الناس لهجة ، وألينهم عريكة ، وأكرمهم عشرة .
[ حدثنا
أبو الحسن علي بن مشرف الأنماطي فيما أجازنيه ، وقرأته على غيره ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14074أبو إسحاق الحبال ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12942أبو محمد بن النحاس ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي ، حدثنا
أبو داود ، حدثنا
هشام بن مروان nindex.php?page=showalam&ids=12166ومحمد بن المثنى ، قالا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير يقول : حدثني
محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة ] ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=7246قيس بن سعد ، قال
[ ص: 185 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=989218زارنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وذكر قصة في آخرها : فلما أراد الانصراف قرب له سعد حمارا ، وطأ عليه بقطيفة ، فركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم قال سعد : يا قيس ، اصحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قال قيس : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اركب فأبيت . فقال : إما أن تركب ، وإما أن تنصرف فانصرفت .
وفي رواية أخرى :
اركب أمامي ، فصاحب الدابة أولى بمقدمها ] .
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤلفهم ، ولا ينفرهم ، ويكرم كريم كل قوم ، ويوليه عليهم ، ويحذر الناس ، ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد منهم بشره ، ولا خلقه ، يتعهد أصحابه ، ويعطي كل جلسائه نصيبه ، لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه . من جالسه أو قاربه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه ،
ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها ، أو بميسور من القول ، قد وسع الناس بسطه ، وخلقه ، فصار لهم أبا ، وصاروا عنده في الحق سواء .
بهذا ، وصفه
ابن أبي هالة ، قال : وكان دائم البشر ، سهل الخلق ، لين الجانب ، ليس بفظ ، ولا غليظ ، ولا سخاب ، ولا فحاش ، ولا عياب ، ولا مداح ، يتغافل عما لا يشتهي ، ولا يؤيس منه .
وقال الله تعالى :
فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك [ آل عمران : 159 ] .
وقال - تعالى - :
ادفع بالتي هي أحسن [ فصلت : 33 ] الآية .
وكان يجيب من دعاه ، ويقبل الهدية ، ولو كانت كراعا ، ويكافئ عليها .
قال
أنس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989219خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين ، فما قال لي أف قط ، وما [ ص: 186 ] قال لشيء صنعته : لم صنعته ؟ ولا لشيء تركته : لم تركته ؟ .
وعن
عائشة - رضي الله عنها - :
ما كان أحد أحسن خلقا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ما دعاه أحد من أصحابه أو أهل بيته إلا قال : لبيك .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=97جرير بن عبد الله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989221ما حجبني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قط منذ أسلمت ، ولا رآني إلا تبسم .
وكان يمازح أصحابه ، ويخالطهم ، ويحادثهم ، ويداعب صبيانهم ، ويجلسهم في حجره ، ويجيب دعوة الحر ، والعبد ، والأمة ، والمسكين ، ويعود المرضى في أقصى
المدينة ، ويقبل عذر المعتذر .
قال
أنس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989222ما التقم أحد أذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فينحي رأسه حتى يكون الرجل هو الذي ينحي رأسه ، وما أخذ أحد بيده فيرسل يده حتى يرسلها الآخر ، ولم ير مقدما ركبتيه بين يدي جليس له .
وكان يبدأ من لقيه بالسلام ، ويبدأ أصحابه بالمصافحة ، ولم ير قط مادا رجليه بين أصحابه حتى يضيق بهما على أحد . يكرم من يدخل عليه ، وربما بسط له ثوبه ، ويؤثره بالوسادة التي تحته ، ويعزم عليه في الجلوس عليها إن أبى ، ويكني أصحابه ، ويدعوهم بأحب أسمائهم تكرمة لهم ، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يتجوز فيقطعه بنهي أو قيام ، ويروى : بانتهاء أو قيام .
وروي
أنه كان لا يجلس إليه أحد ، وهو يصلي إلا خفف صلاته ، وسأله عن حاجته ، فإذا فرغ عاد إلى صلاته .
وكان أكثر الناس تبسما ، وأطيبهم نفسا ، ما لم ينزل عليه قرآن أو يعظ أو يخطب .
وقال
عبد الله بن الحارث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989224ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وعن
أنس :
خدم المدينة يأتون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى الغداة بآنيتهم فيها الماء ، فما يؤتى بآنية ألا غمس يده فيها ، وربما كان ذلك في الغداة الباردة يريدون به التبرك .