الفصل السابع : الدنو ، والقرب
وأما ما ورد في حديث الإسراء ، وظاهر الآية من
الدنو ، والقرب من قوله : دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى [ النجم : 8 ] فأكثر المفسرين أن الدنو ، والتدلي منقسم ما بين
محمد ،
وجبريل - عليهما السلام - ، أو مختص بأحدهما من الآخر ، أو من السدرة المنتهى .
قال
الرازي : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : هو
محمد دنا فتدلى من ربه .
وقيل : معنى دنا قرب ، وتدلى زاد في القرب ، وقيل : هما بمعنى ، واحد ، أي قرب .
وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي ،
والماوردي - عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : هو الرب دنا من
محمد ، فتدلى إليه ، أي أمره ، وحكمه .
[ ص: 243 ] وحكى
النقاش عن
الحسن ، قال : دنا من عبده
محمد - صلى الله عليه وسلم - ، فتدلى ، فقرب منه ، فأراه ما شاء أن يريه من قدرته ، وعظمته .
قال : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : هو مقدم ، ومؤخر : تدلى الرفرف
لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ليلة المعراج ، فجلس عليه ، ثم رفع فدنا من ربه .
قال :
فارقني جبريل ، وانقطعت عني الأصوات ، وسمعت كلام ربي عز وجل .
وعن
أنس في الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989414عرج بي جبريل إلى سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة ، فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى إليه بما شاء ، وأوحى إليه خمسين صلاة . . . وذكر حديث الإسراء .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب : هو
محمد دنا من ربه ، فكان كقاب قوسين .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد : أدناه ربه منه حتى كان منه كقاب قوسين .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد : والدنو من الله لا حد له ، ومن العباد بالحدود .
وقال أيضا : انقطعت الكيفية عن الدنو ، ألا ترى كيف حجب
جبريل عن دنوه ، ودنا
محمد إلى ما أودع قلبه من المعرفة ، والإيمان فتدلى بسكون قلبه إلى ما أدناه ، وزال عن قلبه الشك ، والارتياب .
قال
القاضي أبو الفضل - : اعلم أن ما وقع من إضافة الدنو ، والقرب هنا من الله ، أو إلى الله - فليس بدنو مكان ولا قرب مدى ، بل كما ذكرنا - عن
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر الصادق : ليس بدنو حد ، وإنما دنو النبي - صلى الله عليه وسلم - من ربه ، وقربه منه إبانة عظيم منزلته ، وتشريف رتبته ، وإشراق أنوار معرفته ، ومشاهدة أسرار غيبه وقدرته ، ومن الله - تعالى - له مبرة ، وتأنيس وبسط وإكرام ، ويتأول فيه ما يتأول في قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989415ينزل ربنا إلى السماء الدنيا على أحد الوجوه : نزول إفضال ، وإجمال ، وقبول ، وإحسان .
قال
الواسطي : من توهم أنه بنفسه جعل ثم مسافة ، بل كلما دنا بنفسه من الحق تدلى
[ ص: 244 ] بعدا يغني عن درك حقيقته ، إذ لا دنو للحق ، ولا بعد . وقوله :
قاب قوسين أو أدنى فمن جعل الضمير عائدا إلى الله ، لا إلى
جبريل على هذا كان عبارة عن نهاية القرب ، ولطف المحل ، وإيضاح المعرفة ، والإشراف على الحقيقة من
محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وعبارة عن إجابة الرغبة ، وقضاء المطالب ، وإظهار التحفي وإنافة المنزل ، والمرتبة من الله له .
ويتأول فيه ما يتأول في قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989416من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا ، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة قرب بالإجابة والقبول ، وإتيان بالإحسان وتعجيل المأمول .