الفصل الثالث عشر : في
أسمائه : - صلى الله عليه وسلم - ، وما تضمنته من فضيلته
[ حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12481أبو عمران موسى بن أبي تليد الفقيه ، قال : حدثنا
أبو عمر الحافظ ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16002سعيد بن نصر ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13629محمد بن وضاح ، حدثنا
يحيى ، حدثنا
مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16932محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989474لي خمسة أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي ، الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب .
وقد سماه الله - تعالى - في كتابه
محمدا وأحمد .
فمن خصائصه - تعالى - له أن ضمن أسماءه ثناءه ، وطوى أثناء ذكره عظيم شكره .
فأما اسمه
أحمد فأفعل مبالغة من صفة الحمد .
ومحمد : مفعل ، مبالغة من كثرة الحمد ، فهو - صلى الله عليه وسلم - أجل من حمد ، وأفضل من حمد ، وأكثر الناس حمدا ، فهو
أحمد المحمودين ، وأحمد الحامدين ، ومعه لواء الحمد يوم القيامة ليتم له كمال الحمد ، ويتشهر في تلك العرصات بصفة الحمد ، ويبعثه ربه هناك مقاما محمودا كما وعده ، يحمده فيه الأولون ، والآخرون بشفاعته لهم ، ويفتح عليه فيه من المحامد كما قال - صلى الله عليه وسلم - ما لم يعط غيره ، وسمى أمته في كتب أنبيائه بالحمادين ، فحقيق أن يسمى
محمدا ، وأحمد .
ثم في هذين الاسمين من عجائب خصائصه ، وبدائع آياته فن آخر ، وهو أن الله جل اسمه حمى أن يسمى بهما أحد قبل زمانه .
أما
أحمد الذي أتى في الكتب ، وبشرت به الأنبياء فمنع الله - تعالى - بحكمته أن يسمى به أحد غيره ، ولا يدعى به مدعو قبله حتى لا يدخل لبس على ضعيف القلب أو شك .
وكذلك
محمد أيضا لم يسم به أحد من العرب ، ولا غيرهم إلى أن شاع قبيل وجوده - صلى الله عليه وسلم - ، وميلاده أن نبيا يبعث اسمه
محمد ، فسمى قوم قليل من العرب أبناءهم بذلك ، رجاء أن يكون أحدهم هو . والله أعلم حيث يجعل رسالته ] ، وهم :
محمد بن أحيحة بن الجلاح الأوسي ،
nindex.php?page=showalam&ids=80ومحمد بن مسلمة الأنصاري ،
ومحمد بن براء البكري ،
ومحمد بن سفيان بن مجاشع ،
ومحمد بن حمران الجعفي ،
ومحمد بن خزاعي السلمي ، لا سابع لهم .
ويقال : أول من سمي
[ ص: 261 ] محمدا
محمد بن سفيان . واليمن تقول : بل
محمد بن اليحمد من
الأزد .
ثم حمى الله كل من تسمى به أن يدعي النبوة أو يدعيها أحد له ، أو يظهر عليه سبب يشكك أحدا في أمره حتى تحققت السمتان له - صلى الله عليه وسلم - ، ولم ينازع فيهما .
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989475وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ففسر في الحديث : ويكون محو الكفر إما من
مكة ، وبلاد العرب ، وما زوي له من الأرض ، ووعد أنه يبلغه ملك أمته ، أو يكون المحو عاما ، بمعنى الظهور ، والغلبة ، كما قال - تعالى - :
ليظهره على الدين كله [ التوبة : 33 ] .
[ ، وقد ورد تفسيره في الحديث أنه الذي محيت به سيئات من اتبعه ] .
وقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989476وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي أي على زماني ، وعهدي ، أي ليس بعدي نبي ، كما قال :
وخاتم النبيين [ الأحزاب : 40 ] .
وسمي عاقبا ، لأنه عقب غيره من الأنبياء .
وفي الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989477أنا العاقب الذي ليس بعدي نبي .
وقيل : معنى على قدمي ، أي يحشر الناس بمشاهدتي ، كما قال - تعالى - :
لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا [ البقرة : 143 ] .
وقيل على قدمي : على سابقتي ، قال الله - تعالى - :
أن لهم قدم صدق عند ربهم [ يونس : 2 ] .
وقيل : على قدمي : أي قدامي ، وحولي ، أي يجتمعون إلي يوم القيامة .
وقيل على قدمي : على سنتي .
ومعنى قوله : لي خمسة أسماء : قيل : إنها موجودة في الكتب المتقدمة ، وعند أولي العلم من الأمم السالفة ، والله أعلم .
وقد روي عنه - صلى الله عليه وسلم - :
لي عشرة أسماء وذكر منها : " طه " ، و " يس " ، حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي .
وقد قيل في بعض تفسير طه : إنه يا طاهر يا هادي . وفي يس : يا سيد ، حكاه
السلمي عن
الواسطي ،
وجعفر بن محمد .
وذكر غيره : لي عشرة أسماء فذكر الخمسة التي في الحديث الأول ، قال :
وأنا رسول الرحمة ، ورسول الراحة ، ورسول الملاحم ، وأنا المقفي ، قفيت النبيين ، وأنا قيم .
والقيم : الجامع الكامل ، كذا وجدته ، ولم أروه .
وأرى أن صوابه قثم بالثاء كما ذكرناه بعد عن
الحربي ، وهو أشبه بالتفسير .
وقد وقع أيضا في كتب الأنبياء : قال
داود - عليه السلام - : اللهم ابعث لنا
محمدا مقيم السنة بعد الفترة ، فقد يكون القيم بمعناه .
وروى
النقاش عنه - صلى الله عليه وسلم - :
لي في القرآن سبعة أسماء : محمد ، وأحمد ، و " يس " ، و " طه " ، والمدثر ، والمزمل ، وعبد الله .
وفي حديث عن
[ ص: 262 ] nindex.php?page=showalam&ids=67جبير بن مطعم - رضي الله عنه - : هي ست :
محمد ، وأحمد ، وخاتم ، وعاقب ، وحاشر ، وماح .
وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يسمي لنا نفسه أسماء ، فيقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989481أنا محمد ، وأحمد ، والمقفي ، والحاشر ، ونبي التوبة ، ونبي الملحمة .
ويروى :
المرحمة ، والراحة . وكل صحيح إن شاء الله .
ومعنى المقفي معنى العاقب .
وأما
نبي الرحمة ، والتوبة ، والمرحمة ، والراحة فقال تعالى :
وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين [ الأنبياء : 107 ] ، وكما ، وصفه بأنه يزكيهم ، ويعلمهم الكتاب ، والحكمة . ويهديهم إلى صراط مستقيم . و بالمؤمنين رءوف رحيم .
وقال في
صفة أمته : إنها أمة مرحومة .
وقد قال - تعالى - فيهم :
وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة [ البلد : 17 ] ، أي يرحم بعضهم بعضا ، فبعثه - صلى الله عليه وسلم - ربه - تعالى - رحمة لأمته ، ورحمة للعالمين ، ورحيما بهم ، ومترحما ، ومستغفرا لهم ، وجعل أمته مرحومة ، ووصفها بالرحمة .
وأمرها - صلى الله عليه وسلم - بالتراحم ، فقال ، وأثنى عليه فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989482إن الله يحب من عباده الرحماء .
وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989483الراحمون يرحمهم الرحمن .
nindex.php?page=hadith&LINKID=989484ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء .
وأما رواية
نبي الملحمة فإشارة إلى ما بعث به من القتال ، والسيف - صلى الله عليه وسلم - ، وهي صحيحة .
وروى
حذيفة مثل حديث
أبي موسى ، وفيه
nindex.php?page=hadith&LINKID=989485نبي الرحمة ، ونبي التوبة ، ونبي الملاحم .
وروى
الحربي في حديثه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
أتاني ملك فقال لي : أنت قثم أي مجتمع . قال : والقثوم : الجامع للخير ، وهذا اسم هو في أهل بيته - صلى الله عليه وسلم - معلوم .
وقد جاءت من
ألقابه - صلى الله عليه وسلم - ، وسماته في القرآن عدة كثيرة سوى ما ذكرناه ، كالنور ، والسراج المنير ، والمنذر والنذير ، والمبشر ، والبشير ، والشاهد ، والشهيد ، والحق المبين ، وخاتم النبيين ، والرءوف الرحيم ، والأمين ، وقدم الصدق ، ورحمة للعالمين ، ونعمة الله ، والعروة الوثقى ، والصراط المستقيم ، والنجم الثاقب ، والكريم ، والنبي الأمي ، وداعي الله في أوصاف كثيرة ، وسمات جليلة .
وجرى منها في كتب الله المتقدمة ، وكتب أنبيائه ، وأحاديث رسوله ، وإطلاق الأمة جملة شافية ، كتسميته بالمصطفى ، والمجتبى ، وأبي القاسم ، والحبيب ، ورسول رب العالمين ، والشفيع المشفع ، والمتقي ، والمصلح ، والطاهر ، والمهيمن ، والصادق ، والمصدوق ، والهادي ، وسيد ولد آدم ، وسيد المرسلين ، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ، وحبيب الله ، وخليل الرحمن وصاحب الحوض المورود ، والشفاعة ، والمقام المحمود ، وصاحب الوسيلة ، والفضيلة ، والدرجة الرفيعة ، وصاحب التاج ، والمعراج ، واللواء ، والقضيب ، وراكب البراق ، والناقة ، والنجيب ، وصاحب الحجة ، والسلطان والخاتم ، والعلامة ، والبرهان وصاحب الهراوة ، والنعلين .
ومن
أسمائه في الكتب : المتوكل ، والمختار ، ومقيم السنة ،
[ ص: 263 ] والمقدس ، وروح القدس ، وروح الحق ، وهو معنى البارقليط في الإنجيل .
وقال
ثعلب : البارقليط : الذي يفرق بين الحق ، والباطل .
ومن أسمائه في الكتب السالفة : ماذ ماذ ، ومعناه طيب ، طيب ، وجماطايا ، والخاتم ، والخاتم ، حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=16850كعب الأحبار .
قال
ثعلب : فالخاتم الذي ختم [ الله به ] الأنبياء . والخاتم : أحسن الأنبياء خلقا وخلقا .
ويسمى بالسريانية : مشقح ، والمنحمنا ، واسمه في التوراة أحيد روي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين .
ومعنى صاحب القضيب : أي السيف ، وقع ذلك مفسرا في الإنجيل ، قال : معه قضيب من حديد يقاتل به ، وأمته كذلك .
وقد يحمل على أنه القضيب الممشوق الذي كان يمسكه - صلى الله عليه وسلم - ، وهو الآن عند الخلفاء .
وأما الهراوة التي وصف بها فهي في اللغة العصا ، وأراها ، والله أعلم العصا المذكورة في حديث الحوض :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989487أذود الناس عنه بعصاي لأهل اليمن .
وأما التاج فالمراد به العمامة ، ولم تكن حينئذ إلا للعرب ، والعمائم تيجان العرب .
وأوصافه ، وألقابه ، وسماته في الكتب كثيرة ، وفيما ذكرناه منها مقنع إن شاء الله .
وكانت كنيته المشهورة أبا القاسم .
وروي عن
أنس أنه
لما ولد إبراهيم جاءه جبريل فقال له : السلام عليك يا أبا إبراهيم .