الفصل الثاني :
وجوب طاعته
وأما وجوب طاعته ، فإذا وجب الإيمان به ، وتصديقه فيما جاء به ، وجبت طاعته ، لأن ذلك مما أتى به ، قال الله - تعالى - :
ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله [ الأنفال : 20 ] .
وقال :
قل أطيعوا الله والرسول [ آل عمران : 32 ] .
وقال :
وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون [ آل عمران : 132 ] .
وقال :
وإن تطيعوه تهتدوا [ النور : 54 ] .
وقال :
من يطع الرسول فقد أطاع الله [ النساء : 80 ] .
وقال :
وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا [ الحشر : 7 ] .
وقال :
ومن يطع الله والرسول فأولئك [ النساء : 69 ] الآية .
وقال :
وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله [ النساء : 64 ] ، فجعل - تعالى - طاعة رسوله طاعته ، وقرن طاعته بطاعته ، ووعد على ذلك بجزيل الثواب ، وأوعد على مخالفته بسوء العقاب ، وأوجب امتثال أمره ، واجتناب نهيه .
قال المفسرون والأئمة :
طاعة الرسول في التزام سنته ، والتسليم لما جاء به .
وقالوا : ما أرسل الله من رسول إلا فرض طاعته على من أرسله إليه .
وقالوا من يطع الرسول في سنته يطع الله في فرائضه .
وسئل
nindex.php?page=showalam&ids=16065سهل بن عبد الله عن شرائع الإسلام ، فقال :
وما آتاكم الرسول فخذوه [ الحشر : 7 ] .
وقال
السمرقندي : يقال : أطيعوا الله في فرائضه ، والرسول في سنته ، وقيل : أطيعوا الله فيما حرم عليكم ، والرسول
[ ص: 370 ] فيما بلغكم .
ويقال : أطيعوا الله بالشهادة له بالربوبية ، والنبي بالشهادة له بالنبوة .
حدثنا
أبو محمد بن عتاب بقراءتي عليه ، حدثنا
حاتم بن محمد ، حدثنا
أبو الحسن علي بن محمد بن خلف ، حدثنا
محمد بن أحمد ، حدثنا
محمد بن يوسف ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، حدثنا
عبدان ، أخبرنا
عبد الله ، حدثنا
يونس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=12031أبو سلمة بن عبد الرحمن أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يقول : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989686من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ، ومن عصى أميري فقد عصاني .
فطاعة الرسول من طاعة الله ، إذ الله أمر بطاعته ، فطاعته امتثال لما أمر الله به ، وطاعة له .
وقد حكى الله عن الكفار في دركات جهنم :
يوم تقلب وجوههم في النار يقولون ياليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول [ الأحزاب : 66 ] ، فتمنوا طاعته حيث لا ينفعهم التمني .
وقال - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989687إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم
وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عنه - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989688كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قالوا : يا رسول الله ، ومن يأبى ؟ قال : من أطاعني دخل الجنة ، ومن عصاني فقد أبى .
وفي الحديث الآخر الصحيح ، عنه - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989689مثلي ، ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قوما ، فقال : يا قوم ، إني رأيت الجيش بعيني ، وإني أنا النذير العريان فالنجاء ، فأطاعه طائفة من قومه ، فأدلجوا ، فانطلقوا على مهلهم فنجوا ، وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم ، فصبحهم الجيش فأهلكهم ، واجتاحهم ، فذلك مثل من أطاعني ، واتبع ما جئت به ، ومثل من عصاني ، وكذب ما جئت به من الحق .
وفي الحديث الآخر في مثله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989690كمثل [ ص: 371 ] من بنى دارا ، وجعل فيها مأدبة ، وبعث داعيا ، فمن أجاب الداعي دخل الدار ، وأكل من المأدبة ، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ، ولم يأكل من المأدبة ، فالدار الجنة ، والداعي محمد - صلى الله عليه وسلم - ، فمن أطاع محمدا فقد أطاع الله ، ومن عصى محمدا فقد عصى الله ، ومحمد فرق بين الناس .