الفصل الثالث :
وجوب اتباعه
وأما وجوب اتباعه ، وامتثال سنته ، والاقتداء بهديه ، فقد قال الله - تعالى - :
قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم [ آل عمران : 31 ] وقال :
فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون [ الأعراف : 158 ] .
وقال :
فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم - إلى قوله -
تسليما أي ينقادون لحكمك ، يقال : سلم ، واستسلم ، وأسلم ، إذا انقاد .
وقال :
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر [ الممتحنة : 6 ] الآية .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14155محمد بن علي الترمذي : الأسوة في الرسول الاقتداء به ، والاتباع لسنته ، وترك مخالفته في قول أو فعل .
وقال غير واحد من المفسرين بمعناه .
وقيل : هو عتاب للمتخلفين عنه .
وقال
سهل في قوله - تعالى - :
عليهم [ الفاتحة : 7 ] قال : بمتابعة السنة ، فأمرهم - تعالى - بذلك ، ووعدهم الاهتداء باتباعه ، لأن الله - تعالى - أرسله بالهدى ، ودين الحق ليزكيهم ، ويعلمهم الكتاب والحكمة ، ويهديهم إلى صراط مستقيم ، ووعدهم محبته - تعالى - في الآية الأخرى ، ومغفرته إذا اتبعوه ، وآثروه على أهوائهم ، وما تجنح إليه نفوسهم ، وأن صحة إيمانهم بانقيادهم له ، ورضاهم بحكمه ، وترك الاعتراض عليه .
وروي عن
الحسن أن أقواما قالوا : يا رسول الله ، إنا نحب الله . فأنزل الله - تعالى - :
قل إن كنتم تحبون الله [ آل عمران : 31 ] الآية .
وروي أن الآية نزلت في
كعب بن الأشرف ، وغيره ، وأنهم قالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه ، ونحن أشد حبا لله ، فأنزل الله الآية .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : معناه
إن كنتم تحبون الله [ آل عمران : 31 ] أن تقصدوا طاعته ، فافعلوا ما أمركم به ، إذ محبة العبد لله والرسول طاعته لهما ، ورضاه بما أمرا ، ومحبة الله لهم عفوه عنهم ، وإنعامه عليهم برحمته .
ويقال : الحب من الله عصمة وتوفيق ، ومن العباد طاعة ، كما قال القائل :
[ ص: 372 ] تعصي الإله وأنت تظهر حبه ! هذا لعمري في القياس بديع لو كان حبك صادقا لأطعته
إن المحب لمن يحب مطيع
ويقال : محبة العبد لله تعظيمه له ، وهيبته منه ، ومحبة الله له رحمته له ، وإرادته الجميل له ، وتكون بمعنى مدحه وثنائه عليه .
قال
القشيري : فإذا كان بمعنى الرحمة ، والإرادة ، والمدح كان من صفات الذات .
وسيأتي بعد في ذكر محبة العبد غير هذا بحول الله - تعالى - .
حدثنا
أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر الفقيه ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11826أبو الأصبغ عيسى بن سهل ، وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13541أبو الحسن يونس بن مغيث الفقيه بقراءتي عليه ، قالا : حدثنا
حاتم بن محمد ، قال : حدثنا
أبو حفص الجهني ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13652أبو بكر الآجري ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14035إبراهيم بن موسى الجوزي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15856داود بن رشيد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15614ثور بن يزيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15802خالد بن معدان ، عن
عبد الرحمن بن عمرو الأسلمي ،
وحجر الكلاعي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=143العرباض بن سارية في حديثه في موعظة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989691فعليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة .
زاد في حديث
جابر بمعناه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989692وكل ضلالة في النار .
وفي حديث
أبي رافع عنه - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989693لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته ، يأتيه الأمر من أمري ، مما أمرت به ، أو نهيت عنه ، فيقول : لا أدري ، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه .
وفي حديث
عائشة - رضي الله عنها - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989694صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا ترخص فيه فتنزه عنه قوم ، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فحمد الله ، ثم قال : ما [ ص: 373 ] بال قوم يتنزهون عن الشيء أصنعه ، فوالله إني لأعلمهم بالله ، وأشدهم له خشية .
وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
القرآن صعب على من كرهه ، وهو الحكم ، فمن استمسك بحديثي وفهمه وحفظه جاء مع القرآن ، ومن تهاون بالقرآن وحديثي خسر الدنيا والآخرة ، أمرت أمتي أن يأخذوا بقولي ، ويطيعوا أمري ، ويتبعوا سنتي ، فمن رضي بقولي فقد رضي بالقرآن . قال الله - تعالى - :
وما آتاكم الرسول فخذوه [ الحشر : 7 ] الآية .
وقال - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989696من اقتدى بي فهو مني ، ومن رغب عن سنتي فليس مني .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989697إن أحسن الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989698العلم ثلاثة فما سوى ذلك فهو فضل : آية محكمة ، أو سنة قائمة ، أو فريضة عادلة .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بن أبي الحسن - رحمهما الله تعالى - : قال - صلى الله عليه وسلم - :
عمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة .
وقال - صلى الله عليه وسلم - :
إن الله - تعالى - يدخل العبد الجنة بالسنة تمسك بها .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال :
[ ص: 374 ] المتمسك بسنتي عند فساد أمتي له أجر مائة شهيد .
وقال - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989702إن بني إسرائيل افترقوا على اثنتين وسبعين ملة ، وإن أمتي تفترق على ثلاث وسبعين ، كلها في النار إلا واحدة . قالوا : ومن هم يا رسول الله ؟ قال : الذي أنا عليه اليوم وأصحابي .
وعن
أنس قال - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989703من أحيا سنتي فقد أحياني ، ومن أحياني كان معي في الجنة .
وعن
عمرو بن عوف المزني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال
لبلال بن الحارث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989704من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي ، فإن له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ، ومن ابتدع بدعة ضلالة لا ترضي الله ورسوله كان عليه مثل آثام من عمل بها ، لا ينقص ذلك من أوزار الناس شيئا .