فصل الذنوب صغائر وكبائر
والذنوب تنقسم إلى صغائر وكبائر بنص القرآن والسنة ، وإجماع السلف وبالاعتبار ، قال الله تعالى
إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وقال تعالى
الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم
[ ص: 322 ] أنه قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=980222الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان - مكفرات لما بينهن ، إذا اجتنبت الكبائر .
وأما ما يحكى عن
nindex.php?page=showalam&ids=11812أبي إسحاق الإسفراييني أنه قال : الذنوب كلها كبائر ، وليس فيها صغائر ، فليس مراده أنها مستوية في الإثم ، بحيث يكون إثم النظر المحرم ، كإثم الوطء في الحرام ، وإنما المراد أنها بالنسبة إلى عظمة من عصي بها كلها كبائر ، ومع هذا فبعضها أكبر من بعض ، ومع هذا فالأمر في ذلك لفظي لا يرجع إلى معنى .
والذي جاء في لفظ الشارع تسمية ذلك لمما ومحقرات كما في الحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=980226إياكم ومحقرات الذنوب وقد قيل : إن اللمم المذكور في الآية من الكبائر ، حكاه
البغوي وغيره .
قالوا : ومعنى الاستثناء أن يلم بالكبيرة مرة ، ثم يتوب منها ، ويقع فيها ثم ينتهي عنها ، لا يتخذها دأبه ، وعلى هذا يكون استثناء اللمم من الاجتناب إذ معناه لا يصدر منهم ، ولا تقع منهم الكبائر إلا لمما .
والجمهور على أنه استثناء من الكبائر ، وهو منقطع ، أي لكن يقع منهم اللمم .
وحسن وقوع الانقطاع بعد الإيجاب - والغالب خلافه - أنه إنما يقع حيث يقع التفريغ ، إذ في الإيجاب هنا معنى النفي صريحا ، فالمعنى : لا يأتون ولا يفعلون كبائر الإثم والفواحش ، فحسن استثناء اللمم .
ولعل هذا الذي شجع
أبا إسحاق على أن قال : الذنوب كلها كبائر ، إذ الأصل في الاستثناء الاتصال ، ولا سيما وهو من موجب .
[ ص: 323 ] ولكن النصوص وإجماع السلف على انقسام الذنوب إلى صغائر وكبائر .
ثم اختلفوا في فصلين ، أحدهما : في
اللمم ما هو ؟ والثاني : في
الكبائر وهل لها عدد يحصرها ، أو حد يحدها ؟ فلنذكر شيئا يتعلق بالفصلين .