فصل الفحشاء والمنكر
وأما
الفحشاء والمنكر فالفحشاء صفة لموصوف قد حذف تجريدا لقصد الصفة ، وهي الفعلة الفحشاء ، والخصلة الفحشاء ، وهي ما ظهر قبحها لكل أحد ، واستفحشه كل ذي عقل سليم ، ولهذا فسرت بالزنا واللواط ، وسماها الله فاحشة لتناهي قبحهما ، وكذلك القبيح من القول يسمى فحشا ، وهو ما ظهر قبحه جدا من السب القبيح ، والقذف ونحوه .
وأما المنكر فصفة لموصوف محذوف أيضا ، أي الفعل المنكر ، وهو الذي تستنكره العقول والفطر ، ونسبته إليها كنسبة الرائحة القبيحة إلى حاسة الشم ، والمنظر القبيح إلى العين ، والطعم المستكره إلى الذوق ، والصوت المستنكر إلى الأذن ، فما اشتد إنكار العقول والفطر له فهو فاحشة ، كما فحش إنكار الحواس له من هذه المدركات .
فالمنكر لها ما لم تعرفه ولم تألفه ، والقبيح المستكره لها الذي تشتد نفرتها عنه هو الفاحشة ، ولذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : الفاحشة الزنا ، والمنكر ما لم يعرف في شريعة ولا سنة .
فتأمل تفريقه بين ما لم يعرف حسنه ولم يؤلف ، وبين ما استقر قبحه في الفطر والعقول .