فصل .
قال :
وفرار خاصة الخاصة مما دون الحق إلى الحق ، ثم من شهود الفرار إلى الحق ، ثم الفرار من شهود الفرار .
هذا على قاعدته في جعل الفناء عن الشهود غاية السالكين ، فيفر أولا من الخلق إلى الحق ، ويشهد بهذا الفرار انفراد مشهوده الذي فر إليه ، لكن بقيت عليه بقية ، وهي شهود فراره . فيعدله إحساسا بالخلق ، فيفر ثانيا من شهود فراره ، فتنقطع النسب كلها بينه وبين الخلق بهذا الفرار الثاني ، فلا يبقى فيه بقية إلا ملاحظة فراره من شهود فراره ، فيفر من شهود الفرار ، فتنقطع حينئذ النسب كلها .
وقد تقدم الكلام على هذا ، وأنه ليس أعلى المقامات والرتب ، ولا هو غاية الكمال ، وأن فوقه ما هو أعلى منه مقاما ، وأشرف منزلا ، وهو أن يشهد فراره ، وأنه بالله من الله إلى الله ، فيشهد أنه فر به منه إليه ، ويعطي كل مشهد حقه من العبودية ، وهذا حال الكمل ، والله المستعان .