قال : الدرجة الثانية :
الصبر على الطاعة بالمحافظة عليها دواما ، وبرعايتها إخلاصا . وبتحسينها علما .
هذا يدل على أن عنده : أن فعل الطاعة آكد من ترك المعصية . فيكون الصبر عليها فوق الصبر عن ترك المعصية في الدرجة .
وهذا هو الصواب - كما تقدم - فإن ترك المعصية إنما كان لتكميل الطاعة . والنهي مقصود للأمر . فالمنهي عنه لما كان يضعف المأمور به وينقصه : نهى عنه حماية ، وصيانة لجانب الأمر ، فجانب الأمر أقوى وآكد . وهو بمنزلة الصحة والحياة . والنهي بمنزلة الحمية التي تراد لحفظ الصحة وأسباب الحياة .
وذكر الشيخ : أن الصبر في هذه الدرجة بثلاثة أشياء : دوام الطاعة . والإخلاص فيها . ووقوعها على مقتضى العلم . وهو تحسينها علما .
فإن الطاعة تتخلف من فوات واحد من هذه الثلاثة . فإن العبد إن لم يحافظ عليها دواما عطلها ، وإن حافظ فيها دواما عرض لها آفتان .
إحداهما : ترك الإخلاص فيها . بأن يكون الباعث عليها غير وجه الله ، وإرادته والتقرب إليه . فحفظها من هذه الآفة : برعاية الإخلاص .
الثانية : ألا تكون مطابقة للعلم بحيث لا تكون على اتباع السنة . فحفظها من هذه الآفة بتجريد المتابعة . كما أن حفظها من تلك الآفة بتجريد القصد والإرادة . فلذلك قال : بالمحافظة عليها دواما ، ورعايتها إخلاصا ، وتحسينها علما .