[ ص: 81 ] فصل : في
اشتمال الفاتحة على الرد على جميع المبطلين من أهل الملل والنحل ، والرد على أهل البدع والضلال من هذه الأمة
وهذا يعلم بطريقين ، مجمل ومفصل :
أما المجمل : فهو أن
الصراط المستقيم متضمن معرفة الحق ، وإيثاره ، وتقديمه على غيره ، ومحبته والانقياد له ، والدعوة إليه ، وجهاد أعدائه بحسب الإمكان .
والحق : هو ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وما جاء به علما وعملا في باب صفات الرب سبحانه ، وأسمائه وتوحيده ، وأمره ونهيه ، ووعده ووعيده ، وفي حقائق الإيمان ، التي هي منازل السائرين إلى الله تعالى ، وكل ذلك مسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، دون آراء الرجال وأوضاعهم وأفكارهم واصطلاحاتهم .
فكل علم أو عمل أو حقيقة ، أو حال أو مقام خرج من مشكاة نبوته ، وعليه السكة المحمدية ، بحيث يكون من ضرب المدينة ، فهو من الصراط المستقيم ، وما لم يكن كذلك فهو من صراط أهل الغضب والضلال ، فما ثم خروج عن هذه الطرق الثلاث : طريق الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به ، وطريق أهل الغضب ، وهي طريق من عرف الحق وعانده ، وطريق أهل الضلال وهي طريق من أضله الله عنه ، ولهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم : " الصراط المستقيم : هو الإسلام " ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما : " هو القرآن " ، وفيه حديث مرفوع في
الترمذي وغيره ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16065سهل بن عبد الله : " طريق السنة والجماعة " ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15558بكر بن عبد الله المزني : " طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
ولا ريب أن ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه علما وعملا وهو معرفة الحق وتقديمه ، وإيثاره على غيره ، فهو الصراط المستقيم .
وكل هذه الأقوال المتقدمة دالة عليه جامعة له .
فبهذا الطريق المجمل يعلم أن كل ما خالفه فباطل ، وهو من صراط الأمتين : الأمة الغضبية ، وأمة أهل الضلال .