فصل
قال
صاحب " المنازل " رحمه الله :
الإيثار : تخصيص واختيار . والأثرة : تحسن طوعا . وتصح كرها .
فرق الشيخ بين
الإيثار والأثرة وجعل الإيثار اختيارا والأثرة منقسمة إلى اختيارية ، واضطرارية . وبالفرق بينهما يعلم معنى كلامه . فإن الإيثار هو البذل ، وتخصيصك لمن تؤثره على نفسك ، وهذا لا يكون إلا اختيارا .
[ ص: 283 ] وأما الأثرة فهي استئثار صاحب الشيء به عليك ، وحوزه لنفسه دونك . فهذه لا يحمد عليها المستأثر عليه . إلا إذا كانت طوعا . مثل أن يقدر على منازعته ومجاذبته ، فلا يفعل . ويدعه وأثرته طوعا . فهذا حسن ، وإن لم يقدر على ذلك كانت أثرة كره .
ويعني بالصحة : الوجود ، أي توجد كرها . ولكن إنما تحسن إذا كانت طوعا من المستأثر عليه .
فحقيقة الإيثار بذل صاحبه وإعطاؤه . والأثرة استبداله هو بالمؤثر به . فيتركه وما استبدل به : إما طوعا ، وإما كرها . فكأنك آثرته باستئثاره حيث خليت بينه وبينه ، ولم تنازعه .
nindex.php?page=hadith&LINKID=980479قال nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت رضي الله عنه : بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة ، في عسرنا ، ويسرنا ، ومنشطنا ، ومكرهنا ، وأثرة علينا ، وأن لا ننازع الأمر أهله . فالسمع والطاعة في العسر واليسر ، والمنشط والمكره : لهم معه ومع الأئمة بعده ، والأثرة : عدم منازعة الأمر مع الأئمة بعده خاصة ، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يستأثر عليهم .