فصل
أول ذنب عصى الله به أبوا الثقلين :
الكبر والحرص . فكان الكبر ذنب إبليس اللعين . فآل أمره إلى ما آل إليه . وذنب
آدم على نبينا وعليه السلام : كان من الحرص والشهوة . فكان عاقبته التوبة والهداية ، وذنب إبليس حمله على الاحتجاج بالقدر والإصرار . وذنب
آدم أوجب له إضافته إلى نفسه ، والاعتراف به والاستغفار .
فأهل الكبر والإصرار ، والاحتجاج بالأقدار : مع شيخهم وقائدهم إلى النار إبليس . وأهل الشهوة : المستغفرون التائبون المعترفون بالذنوب ، الذين لا يحتجون عليها بالقدر : مع أبيهم
آدم في الجنة .
وسمعت
شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول : التكبر شر من الشرك فإن المتكبر يتكبر عن عبادة الله تعالى ، والمشرك يعبد الله وغيره .
قلت : ولذلك جعل الله النار دار المتكبرين . كما قال تعالى في سورة الزمر وفي سورة غافر
ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين وفي سورة
[ ص: 317 ] النحل
فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين وفي سورة تنزيل
أليس في جهنم مثوى للمتكبرين .
وأخبر أن
أهل الكبر والتجبر هم الذين طبع الله على قلوبهم . فقال تعالى
كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار .
وقال صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=980505لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر رواه
مسلم .
وقال صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=980520الكبر بطر الحق . وغمط الناس .
وقال تعالى :
إن الله لا يغفر أن يشرك به تنبيها على أنه لا يغفر الكبر الذي هو أعظم من الشرك ، وكما أن من تواضع لله رفعه ، فكذلك من تكبر عن الانقياد للحق أذله الله ووضعه ، وصغره وحقره . ومن تكبر عن الانقياد للحق - ولو جاءه على يد صغير ، أو من يبغضه أو يعاديه - فإنما تكبره على الله فإن الله هو الحق . وكلامه حق . ودينه حق . والحق صفته . ومنه وله . فإذا رده العبد وتكبر عن قبوله : فإنما رد على الله ، وتكبر عليه . والله أعلم .