فصل في بيان تضمنها للرد على من قال بقدم العالم وذلك من وجوه :
أحدها :
إثبات حمده ، فإنه يقتضي ثبوت أفعاله لاسيما وعامة مواد الحمد في القرآن أو كلها إنما هي على الأفعال ، وكذلك هو هاهنا ، فإنه حمد نفسه على ربوبيته ،
[ ص: 93 ] المتضمنة لأفعاله الاختيارية ، ومن المستحيل مقارنة الفعل لفاعله ، هذا ممتنع في كل عقل سليم ، وفطرة مستقيمة ، فالفعل متأخر عن فاعله بالضرورة .
وأيضا فإنه متعلق الإرادة والتأثير والقدرة ، ولا يكون متعلقها قديما البتة .
الثاني :
إثبات ربوبيته للعالمين ، وتقرير ما ذكرناه ، والعالم كل ما سواه فثبت أن كل ما سواه مربوب ، والمربوب مخلوق بالضرورة ، وكل مخلوق حادث بعد أن لم يكن ، فإذا ربوبيته تعالى لكل ما سواه تستلزم تقدمه عليه ، وحدوث المربوب ، ولا يتصور أن يكون العالم قديما وهو مربوب أبدا ، فإن القديم مستغن بأزليته عن فاعل له ، وكل مربوب فهو فقير بالذات ، فلا شيء من المربوب يغني ولا قديم .
الثالث :
إثبات توحيده ، فإنه يقتضي عدم مشاركة شيء من العالم له في خصائص الربوبية ، والقدرة من خصائص الربوبية ، فالتوحيد ينفي ثبوته لغيره ضرورة ، كما ينفي ثبوت الربوبية والإلهية لغيره .