فصل
قال : وللمراد ثلاث درجات : الأولى :
أن يعصم العبد . وهو مستشرف للجفاء ، اضطرارا بتنغيص الشهوات ، وتعويق الملاذ ، وسد مسالك المعاطب عليه إكراها .
يعني : أن العبد إذا استشرفت نفسه للجفاء بينه وبين سيده - بموافقة شهواته - عصمه سيده اضطرارا ، بأن ينغص عليه الشهوات . فلا تصفو له ألبتة . بل لا ينال ما ينال منها إلا مشوبا بأنواع التنغيص ، الذي ربما أربى على لذتها واستهلكها ، بحيث تكون اللذة في جنب التنغيص كالخلسة والغفوة ، وكذلك يعوق الملاذ عليه بأن يحول بينه وبينها ، حتى لا يركن إليها ، ولا يطمئن إليها ويساكنها . فيحول بينه وبين أسبابها .
[ ص: 425 ] فإن هيئت له قيض له مدافع يحول بينه وبين استيفائها ، فيقول : من أين دهيت ؟ وإنما هي عين العناية والحمية والصيانة .
وكذلك يسد عنه طرق المعاصي . فإنها طرق المعاطب . وإن كان كارها ، عناية به ، وصيانة له .