فصل في بيان تضمنها للرد على الرافضة وذلك من قوله
اهدنا الصراط المستقيم إلى آخرها .
ووجه تضمنه إبطال قولهم : أنه سبحانه قسم الناس إلى ثلاثة أقسام : منعم عليهم وهم أهل الصراط المستقيم ، الذين عرفوا الحق واتبعوه ، ومغضوب عليهم
[ ص: 94 ] وهم الذين عرفوا الحق ورفضوه ، وضالون وهم الذين جهلوه فأخطئوه .
فكل من كان أعرف للحق ، وأتبع له كان أولى بالصراط المستقيم .
ولا ريب أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورضي الله عنهم هم أولى بهذه الصفة من
الروافض ، فإنه من المحال أن يكون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم جهلوا الحق وعرفه
الروافض ، أو رفضوه وتمسك به
الروافض .
ثم إنا رأينا آثار الفريقين تدل على أهل الحق منهما ، فرأينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحوا بلاد الكفر ، وقلبوها بلاد إسلام ، وفتحوا القلوب بالقرآن والعلم والهدى ، فآثارهم تدل على أنهم هم أهل الصراط المستقيم ، ورأينا
الرافضة بالعكس في كل زمان ومكان ، فإنه قط ما قام للمسلمين عدو من غيرهم إلا كانوا أعوانهم على الإسلام ، وكم جروا على الإسلام وأهله من بلية ؟ وهل عاثت سيوف المشركين عباد الأصنام من عسكر هولاكو وذويه من
التتار إلا من تحت رءوسهم ؟ وهل عطلت المساجد ، وحرقت المصاحف ، وقتل سروات المسلمين وعلماؤهم وعبادهم وخليفتهم ، إلا بسببهم ومن جرائهم ؟ ومظاهرتهم للمشركين والنصارى معلومة عند الخاصة والعامة ، وآثارهم في الدين معلومة .
فأي الفريقين أحق بالصراط المستقيم ؟ وأيهم أحق بالغضب والضلال إن كنتم تعلمون ؟
ولهذا فسر السلف الصراط المستقيم وأهله :
بأبي بكر وعمر ، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورضي الله عنهم ، وهو كما فسروه ، فإنه صراطهم الذي كانوا عليه ، وهو عين صراط نبيهم ، وهم الذين أنعم الله عليهم ، وغضب على أعدائهم ، وحكم لأعدائهم بالضلال ،وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبو العالية رفيع الرياحي nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري ، وهما من أجل التابعين
[ ص: 95 ] : " الصراط المستقيم : رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه " ، وقال
أبو العالية أيضا في قوله "
صراط الذين أنعمت عليهم " : هم آل رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأبو بكر وعمر " ، وهذا حق ، فإن آله
وأبا بكر وعمر على طريق واحدة ، ولا خلاف بينهم ، وموالاة بعضهم بعضا ، وثناؤهم عليهما ، ومحاربة من حاربا ، ومسالمة من سالما معلومة عند الأمة خاصها وعامها ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم : الذين أنعم الله عليهم هم رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأبو بكر وعمر .
ولا ريب أن المنعم عليهم هم أتباعه ، والمغضوب عليهم هم الخارجون عن اتباعه ، وأتبع الأمة له وأطوعهم أصحابه وأهل بيته ، وأتبع الصحابة له السمع والبصر ،
أبو بكر وعمر ، وأشد الأمة مخالفة له هم
الرافضة ، فخلافهم له معلوم عند جميع فرق الأمة ، ولهذا يبغضون السنة وأهلها ، ويعادونها ويعادون أهلها ، فهم أعداء سنته صلى الله عليه وسلم ، وأهل بيته وأتباعه من بنيهم أكمل ميراثا ؟ بل هم ورثته حقا .
فقد تبين أن الصراط المستقيم طريق أصحابه وأتباعه ، وطريق أهل الغضب والضلال طريق
الرافضة .
وبهذه الطريق بعينها يرد على
الخوارج ، فإن معاداتهم الصحابة معروفة .