فصل
قال :
الدرجة الثالثة : فراسة سرية ، لم تجتلبها روية على لسان مصطنع تصريحا أو رمزا .
يحتمل لفظ السرية وجهين :
أحدهما : الشرف . أي فراسة شريفة . فإن الرجل السري هو الرجل الشريف . وجمعه سراة ، ومنه - في أحد التأويلين - قوله تعالى :
قد جعل ربك تحتك سريا أي سيدا مطاعا . وهو
المسيح . وعلى هذا يكون سرية بوزن شريفة .
والثاني : أن يكون من السر ، أي فراسة متعلقة بالأسرار لا بالظواهر، فتكون سرية بوزن شريبة ومكيثة .
قوله : لم تجتلبها روية أي لا تكون عن فكرة . بل تهجم على القلب هجوما لا يعرف سببه .
قوله : على لسان مصطنع أي مختار مصطفى على غيره .
تصريحا أو رمزا
يعني أن هذا المختار المصطفى يخبر بهذه الفراسة العالية عن أمور مغيبة ، تارة بالتصريح ، وتارة بالتلويح ، إما سترا لحاله ، وإما صيانة لما أخبر به عن الابتذال ، ووصوله إلى غير أهله . وإما لغير ذلك من الأسباب . والله سبحانه وتعالى أعلم .