[ ص: 49 ] فصل
قال : وهي على ثلاث درجات .
الدرجة الأولى : غيرة العابد على ضائع يسترد ضياعه . ويستدرك فواته ، ويتدارك قواه .
العابد هو العامل - بمقتضى العلم النافع - للعمل الصالح . فغيرته على ما ضاع عليه من عمل صالح . فهو يسترد ضياعه بأمثاله . ويجبر ما فاته من الأوراد والنوافل وأنواع القرب بفعل أمثالها ، من جنسها وغير جنسها . فيقضي ما ينفع فيه القضاء . ويعوض ما يقبل العوض . ويجبر ما يمكن جبره .
وقوله " ويستدرك فواته " الفرق بين استرداد ضائعه ، واستدراك فائته ، أن الأول : يمكن أن يسترد بعينه ، كما إذا فاته الحج في عام تمكن منه . فأضاعه في ذلك العام : استدركه في العام المقبل . وكذلك إذا أخر الزكاة عن وقت وجوبها استدركها بعد تأخيرها ، ونحو ذلك .
وأما الفائت : فإنما يستدرك بنظيره . كقضاء الواجب المؤقت إذا فات وقته .
أو يكون مراده باسترداد الضائع واستدراك الفائت نوعي التفريط في الأمر والنهي . فيسترد ضائع هذا بقضائه وفعل أمثاله . ويستدرك فائت هذا - أي سالفه - بالتوبة والندم .
وأما تدارك قواه فهو أن يتدارك قوته ببذلها في الطاعة قبل أن تتبدل بالضعف . فهو يغار عليها أن تذهب في غير طاعة الله . ويتدارك قوى العمل الذي لحقه الفتور عنه بأن يكسوه قوة ونشاطا ، غيرة له وعليه .
فهذه غيرة العباد على الأعمال . والله أعلم .