فصل
قال :
الدرجة الثالثة : غيرة العارف على عين غطاها غين . وسر غشيه رين ، ونفس علق برجاء ، أو التفت إلى عطاء .
أي يغار على بصيرة غطاها ستر أو حجاب . فإن الغين بمنزلة الغطاء
[ ص: 52 ] والحجاب . وهو غطاء رقيق جدا . وفوقه الغيم وهو لعموم المؤمنين . وفوقه الرين والران وهو للكفار .
وقوله " وسر غشيه رين " أي حجاب أغلظ من الغيم الأول .
والسر هاهنا : إما اللطيفة المدركة من الروح ، وإما الحال التي بين العبد وبين الله عز وجل . فإذا غشيه رين النفس والطبيعة استغاث صاحبه ، كما يستغيث المعذب في عذابه ، غيرة على سره من ذلك الرين .
وقوله : ونفس علق برجاء ، والتفت إلى عطاء .
يعني : أن صاحب النفس يغار على نفسه إذا تعلق برجاء من ثواب منفصل ، ولم يتعلق بإرادة الله ومحبته . فإن بين النفسين كما بين متعلقهما .
وكذلك قوله " أو التفت إلى عطاء " يعني : أنه يلتفت إلى عطاء من دون الله فيرضى به . ولا ينبغي أن يتعلق إلا بالله ، ولا يلتفت إلا إلى المعطي الغني الحميد . وهو الله وحده . والله أعلم .