فصل
قال :
الدرجة الثانية : دهشة السالك عند صولة الجمع على رسمه ، والسبق على وقته ، والمشاهدة على روحه
الجمع عند القوم : ما أسقط التفرقة . وقطع الإشارة . وباين الكائنات . و " رسم " العبد عندهم : هو صورته الظاهرة والباطنة . فشهود الجمع : يقتضي أن يستولي على فناء تلك الرسوم فيه . فللجمع صولة على رسم السالك ، يغشاه عندهم بهتة ، هي الدهشة المشار إليها .
وأما صولة السبق على وقته فالسبق : هو الأزل . وهو سابق على وقت السالك . وإنما صال الأزل على وقته : لأن وقته حادث فان . فهو يرى فناءه في بقاء الأزل وسبقه ، فيغلبه شهود السبق ، ويقهره على شهود وقته ، فلا يتسع له .
وأما صولة المشاهدة على روحه فلما كانت المشاهدة تعلق إدراك الروح بشهود الحق تعالى ، فهي شهود الحق بالحق - كما قال تعالى في الحديث القدسي
فبي يسمع ، وبي يبصر - اقتضى هذا الشهود صولة على الروح . فحيث صار الحكم له دونها : انطوى حكم الشاهد في شهوده . وقد عرفت ما في ذلك فيما تقدم .