قال : وهو
ثلاث درجات .
الأولى : برق يلمع من جانب العدة في عين الرجاء . فيستكثر فيه العبد القليل من العطاء ، ويستقل فيه الكثير من الإعياء ، ويستحلي فيه مرارة القضاء .
[ ص: 83 ] يعني بالعدة : ما وعد الله أولياءه من أنواع الكرامة في هذه الدار وعند اللقاء .
وقوله " يلمع في عين الرجاء " أي يبدو في حقيقة الرجاء من أفقه وناحيته ، فيوجب له ذلك استكثار القليل - ولا قليل من الله - من عطائه ، والحامل له على هذا الاستكثار : أربعة أمور .
أحدها : نظره إلى جلالة معطيه وعظمته .
الثاني : احتقاره لنفسه . فإن ازدراءه لها : يوجب استكثار ما يناله من سيده .
الثالث : محبته له . فإن المحبة إذا تمكنت من العبد استكثر قليل ما يناله من محبوبه .
الرابع : أن هذا - قبل العطاء - لم يكن له إلف به ، ولا اتصال بالعطية . فلما فاجأته : استكثرها .
وأما استقلاله الكثير من الإعياء - وهو التعب والنصب - فلأنه لما بدا له برق الوعود من أفق الرجاء : حمله ذلك على الجد والطلب . وحمل عنه مشقة السير . فلم يجد لذلك من مس الإعياء والنصب ما يجده من لم يشم ذلك .
وكذلك استحلاؤه - في هذا البرق - مرارة القضاء وهو البلاء الذي يختبر به الله عز وجل عباده ، ليبلوهم أيهم أصبر وأصدق ، وأعظم إيمانا ، ومحبة وتوكلا وإنابة ؟ فإذا لاح للسالك هذا البرق : استحلى فيه مرارة القضاء .