فصل
وبنى "
إياك نعبد " على أربع قواعد :
التحقق بما يحبه الله ورسوله ويرضاه ، من قول اللسان والقلب ، وعمل القلب والجوارح .
فالعبودية : اسم جامع لهذه المراتب الأربع ، فأصحاب "
إياك نعبد " حقا هم أصحابها .
فقول القلب : هو اعتقاد ما أخبر الله سبحانه به عن نفسه ، وعن أسمائه وصفاته وأفعاله وملائكته ولقائه على لسان رسله .
[ ص: 121 ] وقول اللسان : الإخبار عنه بذلك ، والدعوة إليه ، والذب عنه ، وتبيين بطلان البدع المخالفة له ، والقيام بذكره ، وتبليغ أوامره .
وعمل القلب : كالمحبة له ، والتوكل عليه ، والإنابة إليه ، والخوف منه والرجاء له ، وإخلاص الدين له ، والصبر على أوامره ، وعن نواهيه ، وعلى أقداره ، والرضى به وعنه ، والموالاة فيه ، والمعاداة فيه ، والذل له والخضوع ، والإخبات إليه ، والطمأنينة به ، وغير ذلك من أعمال القلوب التي فرضها أفرض من أعمال الجوارح ، ومستحبها أحب إلى الله من مستحبها ، وعمل الجوارح بدونها إما عديم المنفعة أو قليل المنفعة .
وأعمال الجوارح : كالصلاة والجهاد ، ونقل الأقدام إلى الجمعة والجماعات ، ومساعدة العاجز ، والإحسان إلى الخلق ونحو ذلك .
ف "
إياك نعبد " التزام لأحكام هذه الأربعة ، وإقرار بها ، "
وإياك نستعين " طلب للإعانة عليها والتوفيق لها ، و "
اهدنا الصراط المستقيم " متضمن للتعريف بالأمرين على التفصيل ، وإلهام القيام بهما ، وسلوك طريق السالكين إلى الله بها .