فصل
قال الشيخ : "
البقاء : اسم لما بقي بعد فناء الشواهد وسقوطها " .
له في هذه العبارة تسامح ، وأرباب هذا الشأن همهم المعاني ، فهم يسامحون
[ ص: 357 ] في العبارات ما لا يسامح فيه غيرهم .
فالبقاء : هو الدوام واستمرار الوجود ، وهو نوعان : مقيد ومطلق ، فالمقيد : البقاء إلى مدة ، والمطلق : الدائم المستمر لا إلى غاية .
و " البقاء " أوضح من هذا الحد الذي ذكره ، ولكن لما كان مراده " البقاء " الذي هو صفة العبد ومقامه ، قال : " هو اسم لما بقي بعد فناء الشواهد " ، وهذا عام في سائر أنواع ما بقي العبد متصفا به بعد فناء الأدلة والآثار التي دلت على الحقيقة .
و " الشواهد " عنده هي الرسوم كلها ، وربما يراد بها معالم الشهود ، وهو الذي عناه فيما تقدم ، فإذا جعلت الشواهد هاهنا معالم الشهود ، كان المعنى أن المعالم توصل إلى الشهود ، ويبقى الشهود قائما بعد فناء معالمه .
وحقيقة الأمر أن الحق سبحانه يفنيهم عما سواه ويبقيهم به ، وما سواه هو المعالم والرسوم .