وإن
كان مما ينبته الناس عادة من الزروع والأشجار التي ينبتونها فلا بأس بقطعه وقلعه ; لإجماع
[ ص: 211 ] الأمة على ذلك ، فإن الناس من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا يزرعون في
الحرم ويحصدونه من غير نكير من أحد وكذا ما لا ينبته الناس عادة إذا أنبته أحد ، مثل شجرة أم غيلان وشجر الأراك ونحوهما ، فلا بأس بقطعه ، وإذا قطعه فلا ضمان عليه ; لأجل
الحرم لأنه ملكه بالإنبات فلم يكن من شجر
الحرم فصار كالذي ينبته الناس عادة ، شجرة أصلها في
الحرم وأغصانها في الحل فهي من شجر
الحرم ، وإن كان أصلها في الحل وأغصانها في
الحرم فهي من شجر الحل ينظر في ذلك إلى الأصل لا إلى الأغصان لأن الأغصان تابعة للأصل فيعتبر فيه موضع الأصل لا التابع .
وإن كان بعض أصلها في
الحرم والبعض في الحل فهي من شجر
الحرم ; لأنه اجتمع فيه الحظر والإباحة فيرجح الحاظر احتياطا ، وهذا بخلاف الصيد فإن المعتبر فيه موضع قوائم الطير إذا كان مستقرا به ، فإن كان الطير على غصن هو في
الحرم لا يجوز له أن يرميه ، وإن كان أصل الشجر في الحل ، وإن كان على غصن هو في الحل فلا بأس له أن يرميه ، وإن كان أصل الشجر في
الحرم ينظر إلى مكان قوائم الصيد لا إلى أصل الشجر ; لأن قوام الصيد بقوائمه حتى لو رمى صيدا قوائمه في
الحرم ورأسه في الحل فهو من صيد
الحرم لا يجوز للمحرم والحلال أن يقتله .
ولو رمى صيدا قوائمه في الحل ورأسه في
الحرم فهو من صيد الحل ، ولا بأس للحلال أن يقتله وكذا إذا كان بعض قوائمه في
الحرم وبعضها في الحل فهو صيد
الحرم ترجيحا لجانب الحرمة احتياطا هذا إذا كان قائما .
فأما إذا نام فجعل قوائمه في الحل ورأسه في الحرم فهو من صيد الحرم ; لأن القوائم إنما تعتبر إذا كان مستقرا بها وهو غير مستقر بقوائمه بل هو كالملقى على الأرض ، وإذا بطل اعتبار القوائم فاجتمع فيه الحاظر والمبيح فيترجح جانب الحاظر احتياطا ، ولا بأس بأخذ كمأة
الحرم ; لأن الكمأة ليست من جنس النبات بل هي من ودائع الأرض .