وأما بيان حكم
المهر في نكاح المملوك فنقول : إذا كانت الإجازة قبل الدخول بالأمة لم يكن على الزوج إلا مهر واحد ; وإن كان بعد الدخول بها فالقياس أن يلزمه مهران ، مهر بالدخول قبل الإجازة ، ومهر بالإجازة .
( وجه ) القياس أنه وجد سبب وجوب مهرين ، أحدهما : الدخول ; لأن الدخول في النكاح الموقوف دخول في نكاح فاسد ، وهو بمنزلة الدخول في نكاح فاسد ، وذا يوجب المهر ، كذا هذا .
والثاني : النكاح الصحيح ; لأن النكاح قد صح بالإجازة ، وللاستحسان وجهان
[ ص: 237 ] أحدهما أن النكاح كان موقوفا على إذن المالك كنكاح الفضولي ، والعقد الموقوف إذا اتصلت به الإجازة تستند الإجازة إلى وقت العقد ، وإذا استندت الإجازة إليه صار كأنه عقده بإذنه ، إذ الإجازة اللاحقة كالإذن السابق فلا يجب إلا مهر واحد .
والثاني : أن مهر المثل لو وجب لكان لوجوده تعلقا بالعقد ; لأنه لولاه لكان الفعل زنا ، ولكان الواجب هو الحد لا المهر ، وقد وجب المسمى بالعقد فلو وجب به مهر المثل أيضا لوجب بعقد واحد مهران وأنه ممتنع ثم كل ما وجب من مهر الأمة فهو للمولى ، سواء وجب بالعقد أو بالدخول ، وسواء كان المهر مسمى أو مهر المثل ، وسواء كانت الأمة قنة أو مدبرة أو أم ولد ، إلا المكاتبة والمعتق بعضها ، فإن المهر لهما ; لأن المهر وجب عوضا عن المتعة وهي منافع البضع ، ثم إن كانت منافع البضع ملحقة بالأجزاء والأعيان فعوضها يكون للمولى كالأرش ، وإن كانت مبقاة على حقيقة المنفعة فبدلها يكون للمولى أيضا كالأجرة ، بخلاف المكاتبة ; لأن هناك الأرش والأجرة لها ، فكان المهر لها أيضا ، وكل مهر لزم العبد ، فإن كان قنا والنكاح بإذن المولى يتعلق بكسبه ، ورقبته تباع فيه إن لم يكن له كسب عندنا ; لأنه دين ثابت في حق العبد ظاهر في حق المولى .
ومثل هذا الدين يتعلق برقبة العبد على أصل أصحابنا ، والمسألة ستأتي في كتاب المأذون وإن كان مدبرا أو مكاتبا فإنهما يسعيان في المهر فيستوفى من كسبهما لتعذر الاستيفاء من رقبتهما بخروجهما عن احتمال البيع بالتدبير والكتابة .
وما لزم العبيد من ذلك بغير إذن المولى اتبعوا به بعد العتق ; لأنه دين تعلق بسبب لم يظهر في حق المولى ، فأشبه الدين الثابت بإقرار العبد المحجور أنه لا يلزمه للحال ويتبع به بعد العتاق لما قلنا كذا هذا - والله أعلم - .