( وأما )
الذي يرجع إلى المحلوف عليه فهو أن يكون متصور الوجود حقيقة عند الحلف هو شرط انعقاد اليمين على أمر في المستقبل وبقاؤها أيضا متصور الوجود حقيقة بعد اليمين شرط بقاء اليمين حتى لا ينعقد اليمين على ما هو مستحيل الوجود حقيقة ولا يبقى إذا صار بحال يستحيل وجوده ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر وعند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف هذا ليس بشرط لانعقاد اليمين ولا لبقائها وإنما الشرط أن تكون اليمين على أمر في المستقبل وأما كونه متصور الوجود عادة فهل هو شرط انعقاد اليمين ؟ .
قال أصحابنا الثلاثة : ليس بشرط فينعقد على ما يستحيل وجوده عادة بعد أن كان لا يستحيل وجوده حقيقة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر : هو شرط لا تنعقد اليمين بدونه وبيان هذه الجملة إذا
قال : والله لأشربن الماء الذي في هذا الكوز فإذا لا ماء فيه لم تنعقد اليمين في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر لعدم شرط الانعقاد وهو تصور شرب الماء الذي حلف عليه وعند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف تنعقد لوجود الشرط وهو الإضافة إلى أمر في المستقبل وإن كان يعلم أنه لا ماء فيه تنعقد عند
أصحابنا الثلاثة وعند
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر لا تنعقد وهو رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنه لا تنعقد علم أو لم يعلم وعلى هذا الخلاف
إذا وقت وقال والله لأشربن الماء الذي في هذا الكوز اليوم ولا ماء في الكوز أنه لا تنعقد عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر وعند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف تنعقد وعلى هذا الخلاف إذا
قال والله لأقتلن فلانا وفلان ميت وهو لا يعلم بموته أنه لا تنعقد عندهم خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=14954لأبي يوسف وإن كان عالما بموته تنعقد عندهم خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=15922لزفر .
ولو
قال والله لأمسن السماء أو لأصعدن السماء أو لأحولن هذا الحجر ذهبا تنعقد عند
أصحابنا الثلاثة ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر لا تنعقد ، أما الكلام مع
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف فوجه قوله : إن الحالف جعل شرط عدم حنثه القتل والشرب في المطلق وفي الموقت عدم الشرب في المدة وقد تأكد العدم فتأكد شرط الحنث فيحنث كما في قوله والله لأمسن السماء أو لأحولن هذا الحجر ذهبا ولهما أن اليمين تنعقد للبر ; لأن البر هو موجب اليمين وهو المقصود الأصلي من اليمين أيضا ; لأن الحالف بالله تعالى يقصد بيمينه تحقيق البر والوفاء بما عهد وإنجاز ما وعد ثم
[ ص: 12 ] الكفارة تجب لدفع الذنب الحاصل بتفويت البر وهو الحنث فإذا لم يكن البر متصور الوجود حقيقة لا يتصور الحنث فلم يكن في انعقاد اليمين فائدة فلا تنعقد والدليل على أن البر غير متصور الوجود من هذه اليمين حقيقة أنه إذا كان عنده أن في الكوز ماء وأن الشخص حي فيمينه تقع على الماء الذي كان فيه وقت اليمين وعلى إزالة حياة قائمة وقت اليمين والله تعالى وإن كان قادرا على خلق الماء في الكوز ولكن هذا المخلوق لا يكون ذلك الماء الذي وقعت يمينه عليه وفي مسألة القتل زالت تلك الحياة على وجه لا يتصور عودها بخلاف ما إذا كان عالما بذلك ; لأنه إذا كان عالما به فإنما انعقد يمينه على ماء آخر يخلقه الله - تعالى - وعلى حياة أخرى يحدثها الله تعالى إلا أن ذلك على نقض العادة فكان العجز عن تحقيق البر ثابتا عادة فيحنث بخلاف قوله والله لأمسن السماء ونحوه لأن - هناك - البر متصور الوجود في نفسه حقيقة بأن يقدره الله تعالى على ذلك كما أقدر الملائكة وغيرهم من الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - إلا أنه عاجز عن ذلك عادة فلتصور وجوده حقيقة انعقدت وللعجز عن تحقيقه عادة حنث ووجبت الكفارة وأما الكلام مع
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر في اليمين على مس السماء ونحوه فهو يقول المستحيل عادة يلحق بالمستحيل حقيقة وفي المستحيل حقيقة لا تنعقد كذا في المستحيل عادة ، ولنا أن اعتبار الحقيقة والعادة واجب ما أمكن وفيما قلناه اعتبار الحقيقة والعادة جميعا وفيما قاله اعتبار العادة وإهدار الحقيقة فكان ما قلناه أولى ولو قال والله لأمسن السماء اليوم يحنث في آخر اليوم عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد وفي قياس قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أنه يحنث في الحال وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ما يدل عليه فإنه قال في
رجل حلف ليشربن ماء دجلة كله اليوم قال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة لا يحنث حتى يمضي اليوم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف يحنث الساعة فإن قال في يمينه غدا لم يحنث حتى يمضي اليوم في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة لأن الانعقاد يتعلق بآخر اليوم عنده .
فأما
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف فقال يحنث في أول جزء من أجزاء الغد لأن شرط البر غير منتظر فكأنه قال لها أنت طالق في غد - والله - عز وجل - أعلم - هذا إذا لم يكن المحلوف عليه متصور الوجود حقيقة أو عادة وقت اليمين حتى انعقدت اليمين بلا خلاف ثم فات فالحلف لا يخلو إما أن يكون مطلقا عن الوقت وإما أن يكون موقتا بوقت وكل ذلك لا يخلو إما أن يكون في الإثبات أو في النفي فإن كان مطلقا في الإثبات بأن
قال والله لآكلن هذا الرغيف أو لأشربن الماء الذي في هذا الكوز أو لأدخلن هذه الدار أو لآتين البصرة فما دام الحالف والمحلوف عليه قائمين لا يحنث لأن الحنث في اليمين المطلقة يتعلق بفوات البر في جميع البر فما داما قائمين لا يقع اليأس عن تحقيق البر فلا يحنث فإذا هلك أحدهما يحنث لوقوع العجز عن تحقيقه غير أنه إذا هلك المحلوف عليه يحنث وقت هلاكه وإذا هلك الحالف يحنث في آخر جزء من أجزاء حياته لأن الحنث في الحالين بفوات البر .
ووقت فوات البر في هلاك المحلوف عليه وقت هلاكه ، وفي هلاك الحالف آخر جزء من أجزاء حياته وإن كان في النفي بأن
قال والله لا آكل هذا الرغيف أو لا أشرب الماء الذي في هذا الكوز فلم يأكل ولم يشرب الماء حتى هلك أحدهما فقد بر في يمينه لوجود شرط البر وهو عدم الأكل والشرب ، وإن كان موقتا بوقت فالوقت نوعان موقت نصا وموقت دلالة أما الموقت نصا فإن كان في الإثبات بأن
قال والله لآكلن هذا الرغيف اليوم أو لأشربن هذا الماء الذي في هذا الكوز اليوم أو لأدخلن هذه الدار ونحو ذلك فما دام الحالف والمحلوف عليه قائمين والوقت قائما لا يحنث لأن البر في الوقت مرجو فتبقى اليمين وإن كان الحالف والمحلوف عليه قائمين ومضى الوقت يحنث في قولهم جميعا لأن اليمين كانت مؤقتة بوقت فإذا لم يفعل المحلوف عليه حتى مضى الوقت وقع اليأس عن فعله في الوقت ففات البر عن الوقت فيحنث .
وإن هلك الحالف في الوقت والمحلوف عليه قائم فمضى الوقت لا يحنث بالإجماع لأن الحنث في اليمين المؤقتة بوقت يقع في آخر أجزاء الوقت وهو ميت في ذلك الوقت والميت لا يوصف بالحنث وإن
هلك المحلوف عليه والحالف قائم والوقت باق فيبطل اليمين في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر وعند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف لا تبطل ويحنث واختلفت الرواية عنه في وقت الحنث أنه يحنث للحال أو عند غروب الشمس روي عنه أنه يحنث عند غروب الشمس وروي عنه أنه يحنث للحال ، قيل : وهو الصحيح من مذهبه وإن كان
[ ص: 13 ] في النفي فمضى الوقت والحالف والمحلوف عليه قائمان فقد بر في يمينه لوجود شرط البر وكذلك إن هلك الحالف والمحلوف عليه في الوقت لما قلنا وإن فعل المحلوف عليه في الوقت حنث لوجود شرط الحنث وهو الفعل في الوقت والله - عز وجل - أعلم .
( وأما ) الموقت دلالة فهو المسمى
يمين الفور وأول من اهتدى إلى جوابها
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ثم كل من سمعه استحسنه وما رآه المؤمنون حسنا فهو عند الله حسن وهو أن يكون اليمين مطلقا عن الوقت نصا ، ودلالة الحال تدل على تقييد الشرط بالفور بأن خرج جوابا لكلام أو بناء على أمر نحو أن يقول لآخر : تعال تغد معي ، فقال : والله لا أتغدى فلم يتغد معه ثم رجع إلى منزله فتغدى لا يحنث استحسانا والقياس أن يحنث وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر وجه القياس أنه منع نفسه عن التغدي عاما فصرفه إلى البعض دون البعض تخصيص للعموم .
( ولنا ) أن كلامه خرج جوابا للسؤال فينصرف إلى ما وقع السؤال عنه والسؤال وقع عن الغداء المدعو إليه فينصرف الجواب إليه كأنه أعاد السؤال .
وقال والله لا أتغدى الغداء الذي دعوتني إليه وكذا إذا
قامت امرأته لتخرج من الدار فقال لها إن خرجت فأنت طالق فقعدت ثم خرجت بعد ذلك لا يحنث استحسانا لأن دلالة الحال تدل على التقييد بتلك الخرجة كأنه قال إن خرجت هذه الخرجة فأنت طالق ولو قال لها إن خرجت من هذه الدار على الفور أو في هذا اليوم فأنت طالق بطل اعتبار الفور لأنه ذكر ما يدل على أنه ما أراد به الخرجة المقصود إليها وإنما أراد الخروج المطلق عن الدار في اليوم حيث زاد على قدر الجواب وعلى هذا يخرج ما إذا قيل له
إنك تغتسل الليلة في هذه الدار من جنابة فقال إن اغتسلت فعبدي حر ثم اغتسل لا عن جنابة ثم قال : عنيت به الاغتسال عن جنابة أنه يصدق لأنه أخرج الكلام مخرج الجواب ولم يأت بما يدل على إعراضه عن الجواب فيقيد بالكلام السابق ويجعل كأنه إعادة .
ولو قال إن اغتسلت فيها الليلة عن جنابة فأنت حر أو قال إن اغتسلت الليلة في هذه الدار فعبدي حر ثم قال عنيت الاغتسال عن جنابة لا يصدق في القضاء لأنه زاد على القدر المحتاج إليه من الجواب حيث أتى بكلام مفيد مستقل بنفسه فخرج عن حد الجواب وصار كلاما مبتدأ فلا يصدق في القضاء لكن يصدق فيما بينه وبين الله تعالى لأنه يحتمل أنه أراد به الجواب ومع هذا زاد على قدره وهذا وإن كان بخلاف الظاهر لكن كلامه يحتمله في الجملة وعلى هذا يخرج ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13234ابن سماعة : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمدا يقول في رجل قال لآخر إن ضربتني ولم أضربك وما أشبه ذلك فهذا على الفور قال وقوله : " لم " يكون على وجهين على قبل وعلى بعد فإن كانت على بعد فهي على الفور ولو قال إن كلمتني فلم أجبك فهذا على بعد وهو على الفور وإن قال إن ضربتني ولم أضربك فهو عندنا على أن يضرب الحالف قبل أن يضرب المحلوف عليه فإن أراد به بعد ونوى ذلك فهو على الفور وهكذا روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد وجملة هذا أن هذه اللفظة قد تدخل على الفعل الماضي وقد تدخل على المستقبل فما كان معاني كلام الناس عليه حمل عند الإطلاق عليه وإن كانت مستعملة في الوجهين على السواء يتميز أحدهما بالنية فإذا قال إن ضربتني ولم أضربك فقد حمله
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد على الماضي كأنه رأى معاني كلام الناس عليه عند الإطلاق فكأنه قال إن ضربتني من غير مجازاة لما كان مني من الضرب فعبدي حر ويحتمل الاستقبال أيضا فإذا نواه حمل عليه .
وقوله إن كلمتني ولم أجبك فهذا على المستقبل لأن الجواب لا يتقدم الكلام فحمل على الاستقبال ويكون على الفور لأنه يراد به الفور عادة .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد فيمن قال
كل جارية يشتريها فلا يطؤها فهي حرة قال هذا يطؤها ساعة يشتريها فإن لم يفعل فهي حرة لأن الفاء تقتضي التعقيب ولو قال مكان هذا إن لم يطأها فهذا على ما بينه وبين الموت فمتى وطئها بر لأن كلمة إن كلمة شرط فلا تقتضي التعجيل قال
هشام عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف فإن قال لغلامه إن لم تأتني حتى أضربك فأنت حر فجاء من ساعته فلم يضربه قال متى ما ضربه فإنه يبر في يمينه ولا يعتق إلا أن ينوي ساعة أمره بذلك لما ذكرنا أن إن للشرط فلا تقتضي التعجيل إذا لم يكن في الكلام ما يدل عليه ولو قال إن لم أشتر اليوم عبدا فأعتقه فعلي كذا فاشترى عبدا فوهبه ثم اشترى آخر فأعتقه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد إنما وقعت يمينه على العبد الأول فإذا أمسى ولم يعتقه حنث لأن تقدير كلامه إن اشتريت عبدا فعلي عتقه فإن لم أعتقه فعلي حجة وهذا قد استحقه الأول فلم يدخل الثاني في اليمين .
قال
[ ص: 14 ] هشام عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد فيمن قال لآخر
إن مت ولم أضربك فكل مملوك لي حر فمات الحالف ولم يضربه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد لا يعتقون لأن من شرط الحنث أن يكون بعد الموت ولا ملك له في ذلك الوقت فلا يعتقون وإن قال إن لم أضربك فكل مملوك لي حر لا يحنث حتى يخرج نفسه فيحنث قبل خروج نفسه يعني في آخر جزء من أجزاء حياته فيعتقون حينئذ لأن شرط الحنث ترك الضرب وإنه يتحقق في تلك الحالة ولو قال إن لم أدخل هذه الدار حتى أموت فغلامه حر فلم يدخلها حتى مات لم يعتق وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد فيمن قال إن لم أضربك فيما بيني وبين أن أموت فعبدي حر فلم يضربه حتى مات عتق العبد قبل أن يموت لأن في الأول حنث بعد الموت .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد في الزيادات فيمن قال لرجل امرأته طالق إن لم تخبر فلانا بما صنعت حتى يضربك فعبدي حر فأخبره فلم يضربه بر في يمينه لأنه جعل شرط البر الإخبار لأنه سبب صالح للضرب جزاء له على صنعه والإخبار مما لا يمتد ولا يضرب له المدة فتعذر جعله للغاية فجعل للجزاء وقوله حتى يضربك بيان الغرض بمعنى ليضربك فيصير معناه إن لم أتسبب لضربك فإذا أخبر بصنيعه فقد سبب لضربه فبر في يمينه وكذلك إذا قال إن لم آتك حتى تغديني أو إن لم أضربك حتى تضربني فعبدي حر فأتاه فلم يغده أو ضربه ولم يضربه بر في يمينه لأن التغدية لا تصلح غاية للإتيان لكونها داعية إلى زيادة الإتيان وكذلك الضرب يدعو إلى زيادة الضرب لا إلى تركه وإنهائه فلا يجعل غاية ويجعل جزاء لوجود شرطه ولو قال إن لم ألزمك حتى تقضيني حقي أو إن لم أضربك حتى يدخل الليل أو حتى تشتكي يدي أو حتى تصيح أو حتى يشفع لك فلان أو حتى ينهاني فلان فترك الملازمة قبل أن يقضى حقه أو ترك الضرب قبل وجود هذه الأسباب حنث لأن كلمة حتى ههنا للغاية إذ المعقود عليه فعل ممتد وهو الملازمة والضرب في قضاء الدين مؤثر في إنهاء الملازمة إذ هو المقصود من الملازمة ، والشفاعة والصياح والنهي وغيرها مؤثر في ترك الضرب وإنهائه فصارت للغاية لوجود شرطها .
ولو نوى به الجزاء يصدق فيما بينه وبين الله تعالى لأنه نوى ما يحتمله كلامه ، ولا يصدق في القضاء لأنه أراد به التخفيف على نفسه فكان متهما ، وإن قال إن لم آتك اليوم حتى أتغدى عندك أو إن لم آتك حتى أضربك فعبدي حر فأتاه فلم يتغد عنده أو لم يضربه حتى مضى اليوم حنث لأن كلمة حتى ههنا للعطف لأن الفعلين جميعا من جانب واحد وهو الحالف فيصير كأنه قال إن لم آتك اليوم فأضربك أو فأتغدى عندك فإن لم يوجدا جميعا لا يبر بخلاف قوله حتى تغديني لأن هناك أحد الفعلين من غيره فكان عوض فعله فلا يحنث بعدمه وإن لم يوقت باليوم فأتاه ولم يتغد لم يحنث لأن البر موجود بأن يأتيه ويتغدى أو يتغدى من غير إتيان ووقت البر متسع فلا يحنث كما لو صرح به .
وقال إن لم آتك فأتغدى عندك ولو قال ذلك لا يحنث ما دام حيا كذلك هذا وحكى هشام عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أن
من قال لأمته إن تجيئيني الليلة حتى أجامعك مرتين فأنت حرة فجاءته فجامعها مرة وأصبح حنث في يمينه وهذا وقوله إن لم تجيئيني الليلة فأجامعك مرتين سواء فيصير المجيء والمجامعة مرتين شرطا للبر فإذا انعدم يحنث فإن لم يوقت بالليل لا يحنث وله أن يجامعها في أي وقت شاء لأن وقت البر يتسع عند عدم التوقيت وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13234ابن سماعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد إذا قال إن ركبت دابتك فلم أعطك دابتي فعبدي حر قال هذا على الفور إذا ركب دابته فينبغي أن يعطيه دابة نفسه ساعتئذ وكذلك إذا قال إن دخلت دارك فلم أجلس فيها لأن الفاء للتعقيب فيقتضي وجود ما دخلت عليه عقيب الشرط قال ولو قال إن رأيت فلانا فلم آتك به فعبدي حر فرآه أول ما رآه مع الرجل الذي قال له إن رأيته فلم آتك به فإن الحالف حانث الساعة لأن يمينه وقعت على أول رؤية ويستحيل أن يأتيه بمن هو معه قال
nindex.php?page=showalam&ids=14972القدوري وقد كان يجب أن لا يحنث عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد كما قالا فيمن قال له إن رأيت فلانا فلم أعلمك بذلك فعبدي حر فرآه أول ما رآه مع الرجل الذي قال له ذلك لم يحنث عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد لأن العلم بمن قد علمه محال .
وكذلك الإتيان بمن معه فيصير كمن قال لأشربن الماء الذي في هذا الكوز ولا ماء فيه ولو أن رجلا قال إن لقيتك فلم أسلم عليك فإن سلم عليه ساعة يلقاه وإلا حنث وكذلك إن قال إن استعرت دابتك فلم تعرني لأن هذا على المجازاة يدا بيد وليس هذا مثل قوله إن دخلت الدار فإن لم أكلم فلانا فهذا متى ما كلمه بر والأصل فيه أن يجيء في هذا الباب
[ ص: 15 ] أمور تشتبه فإن لم في معنى فلم يحمل على معظم معاني كلام الناس ولو قال إن أتيتني فلم آتك أو إن زرتني فلم أزرك أو إن أكرمتني فلم أكرمك فهذا على الأبد وهو في هذا الوجه مثل فإن لم لأن الزيارة لا تتعقب الزيارة عادة فكان المقصود هو الفعل فإن قيل أتيتني فلم آتك فالأمر في هذا مشتبه قد يكون بمعنى إن لم آتك قبل إتيانك وقد يكون بمعنى إن لم آتك بعد إتيانك فكان محتملا للأمرين فيحمل على ما كان الغالب من معاني كلام الناس عليه فإن لم يكن فهو على ما نوى أي ذلك نوى من قبل أو بعد حملا على ما نوى وإن لم تكن له نية يلحق بالمشتبه الذي لا يعرف له معنى .
فأما الذي يعرف من معناه أنه قبل أو بعد فهو على الذي يعرف في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى إذا لم يكن له نية فإن نوى خلاف ما يعرف لم يدين في الحكم ودين فيما بينه وبين الله تعالى فالذي الظاهر منه قبل كقوله إن خرجت من باب الدار ولم أضربك والذي ظاهره بعد مثل قوله إن أعطيتني كذا ولم أكافئك بمثله والمحتمل كقوله إن كلمتك ولم تكلمني فهذا يحتمل قبل وبعد فأيهما فعل لم يكن للحالف فيه وإن كان نوى أحد الفعلين فهو على ما نوى وإن كان قبل ذلك فنطق يكون هذا جوابا له فهو على الجواب والله - عز وجل - الموفق .