بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
علي بن الجعد وابن سماعة عن أبي يوسف في رجل حلف لا يأكل من غلة أرضه ولا نية له فأكل من ثمن الغلة حنث لأن هذا في العادة يراد به استغلال الأرض فإن نوى أكل نفس ما يخرج منه فأكل من ثمنه دينته فيما بينه وبين الله تعالى ولم أدينه في القضاء قال القدوري وهذا على أصله فيمن حلف لا يشرب الماء ونوى الجنس أنه لا يصدق في القضاء فأما على الرواية الظاهرة فيصدق لأنه نوى حقيقة كلامه .

وقال محمد في الجامع إذا حلف لا يأكل من هذه النخلة شيئا وأكل من ثمرها أو جمارها أو طلعها أو بسرها أو الدبس الذي يخرج من رطبها فإنه يحنث لأن النخلة لا يتأتى أكلها فحملت اليمين على ما يتولد منها والدبس اسم لما يسيل من الرطب لا المطبوخ منه ولو حلف لا يأكل من هذا الكرم شيئا فأكل من عنبه أو زبيبه أو عصيره حنث لأن المراد هو الخارج من الكرم إذ عين الكرم لا تحتمل الأكل كما في النخلة بخلاف ما إذا نظر إلى عنب فقال عبده حر إن أكل من هذا العنب فأكل من زبيبه أو عصيره أنه لا يحنث لأن العنب مما تؤكل عينه فلا ضرورة إلى الحمل على ما يتولد منه .

وكذلك لو حلف لا يأكل من هذه الشاة فأكل من لبنها أو زبدها أو سمنها لم يحنث لأن الشاة مأكولة في نفسها فأمكن حمل اليمين على أجزائها فيحمل عليها لا على ما يتولد منها قال محمد .

ولو أكل من ناطف جعل من ثمر النخلة أو نبيذ نبذ من ثمرها لم يحنث لأن كلمة من لابتداء الغاية وقد خرج هذا محذوف الصيغة عن حال الابتداء فلم يتناوله اليمين .

ولو حلف لا يأكل من هذا اللبن فأكل من زبده أو سمنه لم يحنث لأن اللبن مأكول بنفسه فتحمل اليمين على نفسه دون ما يتخذ منه والله عز وجل أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية